لقد تفاقمت أزمة البطالة عالمياً ومحلياً نتيجة لأزمة كورونا وما ترتب عليها من تعطل الحياة الاقتصادية والعمل لمواجهة هذه الجائحة. العديد من الدول وحسب إمكانياتها حاولت التخفيف من الآثار الاقتصادية السلبية لهذه الظاهرة ولكن ذلك لم يكن كافيا ليكبح جماح البطالة. الكثير من الدول ومنها الأردن دخل في مرحلة التعافي التدريجي من أزمة كورونا التي تكللت بعودة أغلب الانشطة الاقتصادية للعمل والدخول في مرحلة الانتعاش الاقتصادي وإن كان ببطء ودرجات متفاوتة.
إن مرحلة ما بعد التعافي الاقتصادي لن تكون قادرة على معالجة الآثار الاقتصادية السلبية التي تسببت بها الازمة بالوقت المناسب لأسباب كثيرة. لقد ارتفعت البطالة وخاصة لدى الشباب من الذكور والاناث الى مستويات غير مسبوقة وبالتالي التحدي الاكبر والمهم هو توفير فرص عمل لهؤلاء المتعطلين ولكن يصبح التحدي مزدوجاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار استمرار تدفق الشباب الى سوق العمل وبالتالي تضاعف اعداد الباحثين عن العمل. وبالمقابل فإن نسبة النمو الاقتصادي ما تزال متواضعة ولن تكون قادرة على استيعاب هذا الحجم من العمالة. لقد تركت أزمة كورونا آثارا اقتصادية سوف تمتد آثارها السلبية لما بعد أزمة كورونا حتى بعد التعافي الاقتصادي.
بداية لقد ساهمت أزمة كورونا في ظهور أشكال مختلفة من عدم المساواة على أسس جغرافية وقطاعية ولكن أكبر المهمشين أو الخاسرين من الازمة هم النساء والشباب. المؤشرات العالمية والمحلية تؤكد ارتفاع البطالة بين الاناث وهي ضعف ما هي عليه لدى الذكور وكذلك الحالة بالنسبة للشباب حيث تصل معدلات البطالة لديهم لأكثر من النصف.
المشكلة الاكبر التي ستواجه أغلب المجتمعات هي أن بعض القطاعات الحيوية كشركات الاتصالات والبنوك وغيرها من القطاعات قد لجأت لبعض الحلول أثناء أزمة كورونا من خلال تقنيات الثورة الصناعية الرابعة واكتشفت أنه يمكن تقليص عدد الموظفين لديهم نتيجة لاستخدام هذه التقنيات. الذي كان اجبارياً في ازمة كورونا قد يتحول الى حالة دائمة بعدها من حيث تخفيض العمالة.
التخوف الحقيقي هو أن تلجأ هذه القطاعات الى زيادة الاعتماد اكثر على التكنولوجيا الحديثة والذي بالتأكيد سوف يساهم في تفاقم أزمة البطالة وخاصة لدى الشباب الحاصلين على تعليم تقني وجامعي. بعض الشركات بدأت بالتفكير جديا بزيادة اعتمادها على التكنولوجيا الحديثة تدريجياً كحلول دائمة.
هذا التحول سوف يطول قطاعات واسعة في المرحلة المقبلة بما فيها المؤسسات التعليمية والتي اكتشفت فوائد التكنولوجيا الحديثة خلال ازمة كورونا. بالتأكيد التحول للتكنولوجيا الحديثة مطلب وشيء جيد بحد ذاته ولكن تزامنه مع ازمة كورونا هو المشكلة.
القضية الاساسية التي يجب التحوط لها والتفكير بها هي أن التعافي والانعاش الاقتصادي بعد أزمة كورونا قد لا يكون قادراً على حل مشكلة البطالة تلقائياً. أزمة كورونا ساهمت في تسارع التحول للتكنولوجيا الحديثة وهذا بحد ذاته تطور ايجابي ولكن آثاره على البطالة قد تكون سلبية.
لذا فلا بد من تبني استراتيجية اقتصادية تعزز النمو الاقتصادي واسع النطاق وخلق فرص عمل منتجة وتدعم عملية الدخول لسوق العمل.
(الغد)