دولة إسلامية ثانية تدخل الصراع العربي الإسرائيلي
أ.د. سعد ابو دية
10-06-2010 08:14 AM
في عام 1982م عندما احتلت اسرائيل لبنان وسط الصمت العربي والتأييد الغربي أدخلت إسرائيل إيران في صميم الصراع العربي الإسرائيلي، ومن يومها تغيرت معادلات الصراع بين إسرائيل والعرب في لبنان. لقد وجد حافظ الأسد حليفا كان يبحث عنه ويمكن أن يساعده في لبنان، وبالنسبة لإيران استطاعت من خلال سورية أن تدعم المقاومة في جنوب لبنان.
وظهرت تنظيمات سياسية عسكرية قوية جدا غيرت من سياسة لبنان الغربية فلم يعد النفوذ السابق للدول الغربية في لبنان كما كان في السابق ولم يعد للموارنة نفس التفوق السابق في لبنان .
وأؤكد أن كل ما حصل في لبنان ما كان ليحصل لولا أن إسرائيل في عهد الاسرائيلين المغامرين الثلاثة (بيغن و شارون وايتان) قد غامرت واقتحمت لبنان معتمدة على شخصية مارونية عميلة ذات زعامة تقليدية لم تستطع أن تواجه نفوذ سورية وإيران والوطنيين في لبنان فتهاوت بسرعة وظهر الوجه الوطني منذ ذلك الوقت وتشكلت جبهة الخلاص الوطني وظهرت مقاومة حقيقية منظمة.
وسدت إيران الفراغ الذي تركته مصر عام 1979م عندما وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل وعوضت الفراغ بانشغال العراق في حرب الخليج.
نلاحظ أن القوة الإستراتيجية بعد خروج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي كانت في العراق ولكن العراق ومنذ خروج مصر من الصراع انشغل بحرب إيران ثم الكويت وعمليا لم ينشغل بفلسطين أو لبنان .تاريخيا أبعدت الأيادي الخفية العراق عن لبنان بتفجير السفارة العراقية في عملية لها أهداف إشعال الفتنة ما بين العراق وسورية ومن جهة أخرى إبعاد العراق عن ساحة لبنان... ذلك أن إسرائيل قبل دخول لبنان خططت لإزاحة جميع الافراد و القوى التي يمكن أن تقف في وجه رجلها القادم الذي تخطط له وعبر سنوات ازاحت عن الطريق موسى الصدر وكمال جنبلاط وطوني فرنجية وغيرهم، وبدا الميدان والطريق معبدا أمام رجل إسرائيل الجديد في لبنان.
وعودة للموضوع فان إسرائيل دخلت لبنان وفرضت معاهدة أيار على لبنان بالقوة ولكن إيران دخلت على خط لبنان ودعمت مقاومة الجنوب وصمدت سورية وظهرت جبهة الخلاص الوطني وتغيرت المعادلات وبدأت إسرائيل تواجه عدوا جديدا في لبنان لم تألفه من قبل وبدأت تواجه مقاومة ووضع وصفه فيما بعد اسحق رابين بالوحل!
وهكذا فإن إسرائيل بغرورها أقحمت إيران في الصراع العربي الإسرائيلي وبدأت تواجه تنظيما سياسيا عسكريا على جانب كبير من الكفاءة وهكذا استطاعت إيران واستطاع هذا التنظيم أن يردع إسرائيل.
وتورطت الولايات المتحدة في العراق نفس ورطة إسرائيل في لبنان إذ أنهم واجهوا إيران هناك وبدأت ورطتهم الحقيقية إذ أن وجود القوات الأميركية في العراق شكل عاملا مساعدا لأي ضربة ثانية تقوم بها إيران ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة إذ ضُربت الضربة الأولى من إسرائيل.
وفي يوم الاثنين الماضي 31/5/2010م أدخلت إسرائيل بغرورها تركيا في الصراع العربي الإسرائيلي صحيح أن تركيا دولة موالية للغرب وعضو في حلف ا لأطلسي ولكن إسرائيل ارتكبت خطأ استراتيجيا جديدا عندما هاجمت السفينة مرمرة وقتلت تسع أتراك وجرحت وخطفت آخرين.
إنها البداية للأتراك في المواجهة مع إسرائيل، ليس لدى الأتراك حوافز مثل إيران في دعم الشيعة في جنوب لبنان أو الوطن العربي ولكن غرور إسرائيل أقحم الأتراك في خضم مواجهة تركت ذكرى سيئة عند الشعب وعند الحكومة التركية. لن ينسى الأتراك قتل أبنائهم وحتماً فإن هناك نتائج سريعة يمكن أن نلاحظها مثل توقف التدريب والتعاون العسكري وقد يتعطل مؤقتا مد خطين من الغاز من روسيا وأوزبكستان عبر تركيا وقد تتوقف السياحة هناك 800.000 سائح إسرائيلي يزور تركيا سنويا.
هذا ليس بالأمر المهم، والمهم أن لتركيا مطالب وهي:-
1- أنها تريد اعتذار من إسرائيل.
2- أنها تريد تشكيل لجنة تحقيق دولة مستقلة.
3- أنها تريد رفع الحصار عن غزة.
والمطلب الثالث هو الأهم.
وقبل يومين اعترف أردوغان بحماس وإنها ليست منظمة إرهابية بل حكومة منتخبة وهذا الاعتراف وحده من أهم نتائج الحدث .أن اعتراف تركيا بحماس هو حدث تاريخي هام جاد في سياق الأحداث.
بداية الحرب البارده اسرائيل وتركيا
على العموم استطاعت غطرسة إسرائيل أن تقحم الأتراك في بداية مواجهة وحرب باردة مع إسرائيل...
ذلك أن وسائل الإعلام التركية وصفت إسرائيل والاسرائيلين بأنهم تلاميذ هتلر ونعتتهم بالإرهاب ولقد حطم الاسرائيلين تمثالا لأحد الجنود الأتراك في بير السبع .
وفي تل أبيب حرقوا العلم التركي أمام السفارة ووصفوا اردوغان بأنه إرهابي ورد عليهم الأتراك بأنه لو كان اردوغان إرهابي لدعم إسرائيل الدولة الإرهابية الأولى في العالم.
وباختصار فإن إسرائيل أقحمت دولتين مسلمتين في الصراع بغطرستها وطمعها وغرورها.
بقي أن أقول أنه تاريخيا هناك ظاهرة أن جميع أعداء العرب من صليبيين أو مغول قد تم طردهم من قبل قادة مسلمين وليسوا عربا إذ أن صلاح الدين قاهر الصليبيين كان كرديا وان المماليك في مصر قهروا المغول..
وربما تكون بداية من بدايات التاريخ.
وأخيرا أعاد موقف تركيا لذهني ما قال احمد شوقي متغنياً بأحد القادة الأتراك بعد الحرب الأولى
الله أكبر كم في الفتح من عجب يا خالد الترك جدد خالد العرب