إن إدراك الحقيقة بوجب السعي الى تحقيقها، بتحقيق الاهداف واغراض تلك الحقيقة، أما إدراك الحقيقة والانتظار من الاخرين ان يعرفوا بها فما هو الا تعطيل الامور وتأخير المسائل ولا يمكن تحقيق أي شيء إلا بالعمل والاشتراك الحقيقي والمشاركة الصادقة فإذا لم يكن لنا توافق مع الاخرين الذي جعل جلالة الملك عبدالله الثاني بطبيعته العفوية توافقا صادقا بعيدا عن التوافق الاصطناعي، فكانت مواجهة تحدياتنا وربما بعض الاخفاقات ولكننا لم نفشل.
لطالما حظيت أحاديث جلالة الملك عبدالله الثاني بإهتمام كبير من الجميع أردنيا وعالميا بسبب أنها تحمل نية العمل على تحقيق هدف ايجابي او تسليط الضوء على مسألة مهمة وليس مساومات سياسية أو مصالح إلا ان التفاعل مع مقابلة جلالة الملك الأخيرة كان واسعا وحظيت باهتمام كبير محليا وعربيا وعالميا والتي أتت بعد اجتماع جلالته مع الرئيس الامركي جو بايدن التي اعتبرها الجميع ناجحة وحملت التفاؤل الكبير، فالتعاون او الاشتراك في العمل ليس فقط بين الافراد بل الدول يزيد الانتاج والمنتجين فالانتاج هو مفتاح التنظيم الاقتصادي والتوازن الصحي، فالاقتصاد هو الازدهار وليس البقاء على الحياة.
اضافة لأهمية الوقت الذي جرت به المقابلة مع جلالة الملك بما يواجه العالم والمنطقة من احداث ذكرى استشهاد جده الملك عبدالله الأول، التي تم استحضارها في المقابلة إذ يعتبر المغفور له مثالا للتضحية والقومية فذكرى استشهاده مثالا للتضحية في سبيل نيل قومية شاملة واهمية الاخلاق السياسية التي تحلى بها المغفور له، لأن اهم مسائل النهوض القومي بعد تأسيس فكرة الامة وتعيين المقاصد الكبرى هى مسألة الاخلاق، فالمسألة العقلية الاخلاقية تعتبر روح الامة فكل خطة سياسية مهما كانت بديعة لا يمكن تحقيقها الا بالاخلاق المثلى المتينة من صلابة العزيمة وشدة الايمان وقوة الارادة واعتبار المبادئ.
بالرجوع الى تاريخنا الذي أوضح جلالته من خلاله ان عوامل تفوقنا كانت فيه عظيمة إذ تميز بالتفاعل الحكيم مع عدة امور وتفوقنا بالوقوف امام العديد من التحديات.
بواقعية مجردة التي دار فيها الحديث، حرص جلالته على ارضية ثابتة وهي أن النظام لا يعني الترتيبات الشكلية الخارجية بل هو نظام قائم على الفكر والنهج، وان النظام ليس دوائر ومراكز بل هو عمق الحياة فهو تراكمي، فالمؤسسية هى التحقيق العملي وليس منظومة نظرية.
في ظل المخاوف من عدم تحقيق الحقوق والحرمان من الحقوق أوضحت المقابلة ان القضية الفلسطينية أصبحت قضية متشابكة وقضية حياة وحق خرجت عن سياق تحديد الاولويات والسياسات، شدد جلالته من خلال شخصيته القومية الواضحة على ان لا احد يملك الحق في تقرير مصيرها وسيادتها مبدأ يجب المحافظه عليه.
لم تبتعد خصوصية الطرح وحساسية الوقت عن المقابلة ولم يفارق الثبات سيد البلاد بتمسكه على أن التراخي الفردي وفقدان الوجدان الجماعي المتين والاتجاه الموحد يُبعد الامة عن وحدتها وارادتها واتجاهها الواحد.
حمل حديث جلالة الملك بين طياته اهمية الوحدة العربية لايجاد التوافق بين بلدان، فالنهوض القومي العربي لا يتحقق الا بالعمل المشترك وتحمل الصعاب ومواجهة الاوقات الحرجة والتضحيات.
حمى الله الاردن