شهد الاردن في العشر سنوات الاخيرة انفلاتاً في دراسة الطب داخلياً وخارجياً ،حيث قُدِّر عدد الطلبة الذين التحقوا بكليات الطب داخل الاردن العام الماضي بحدود 3250 طالبا و1500 طالب ذهبوا لدراسه الطب خارج الاردن .

وفي دراسة مقارنة بين الاردن وبريطانيا مثلا؛ نلاحظ ان عدد المقبولين في بريطانيا بحدود 6000 طالب مقارنة مع 3250 طالب في الاردن ،علماً ان بريطانيا عدد سكانها اكثر من 100 مليون والاردن 10 ملايين .

الاردن بقي لبداية عام 1997يحتوي على كليتي طب فقط، تستوعبان سنويا بحدود 150 -200طالب، لكن بعد اقرار نظام الموازي في الجامعات 1997 بدأ عدد الملتحقين في كليات الطب يتصاعد بحيث تضاعف عدة مرات.

ومع بداية الالفية الثانية ازداد عدد كليات الطب في الجامعات الاردنية حيث وصل الان الى 6 كليات طب يدرس فيها بحدود 12 الف طالب يتوزعون على السنوات الست في كليات الطب.

هذه الاعداد المرعبة للمقبولين في كليات الطب يصاحبها تخريج عدد كبير من الاطباء ؛حيث وصل عدد الخريجين العام الماضي الى حوالي 2500 طبيب من الكليات الست وحوالي 1700 طبيب من خارج الاردن ،وهذا يعني ان حوالي 4200 طبيب جديد يتم ضخه سنوياً في السوق الاردني .

واذا ما سألنا. لماذا زادت الكليات بهذا العدد..!!! سنجد ان انشاء كليات الطب خلال العشرين سنة الماضية واخذ طلاب على النظام الموازي اصبح هاجس جميع الجامعات الحكومية وذلك لايجاد دخل مادي ثابت وعال بحيث اصبحت كليات الطب هي الدجاجة التي تبيض ذهباً للجامعات.

واذا ما عرفنا ان عدد مقاعد الاختصاص في الاردن لا تتعدى 1000 مقعد -وهي مقاعد للتدريب حسب الاختصاص وتكون من 4-6 سنوات حسب التخصص-فهذا يعني ان اكثر من 3 الاف طبيب لن يحصلوا على مقاعد للاختصاص سنوياً…!!

واذا ما اضفنا هذا الرقم للسنة التي تليها سيكون عدد الاطباء غير الحاصلين على مقاعد اختصاص 6 الاف طبيب وهذا يعني انه خلال 5 سنوات -اذا بقينا على نفس المنوال -سيكون عندنا 30 الف طبيب لن يستطيع الحصول على مقعد للاختصاص!

كل هذه الارقام أحببت ان اذكرها لكي ندرك اننا امام مشكلة مركبة ومعقدة، تتدحرج ككرة الثلج وتكبر كل سنة وللاسف لا نعمل اي شي او نضع خططا لتلافيها.

لذلك -ومن كل ذكرنا سابقاً – يجب ايجاد حلول لمنع حدوث تكدس وبطالة ستطال الاطباء وستعصف بالقطاع الطبي واعتقد أن اهم هذه الحلول هو تحديد عدد المقبولين في كليات الطب في الجامعات، وعدم انشاء جامعات جديدة الا اذا تعهدت بقبول طلبة غير اردنيين، وكذلك زيادة مقاعد الاختصاص للأطباء في كل القطاعات الطبية الحكومية منها والخاصة.

(الغد)