في مطلع التسعينات قررت الحكومة في ذلك الوقت تقسيم الأردن إلى ثلاثة أقاليم؛ إقليم الشمال ويضم كل من محافظة إربد والمفرق وعجلون وجرش، وإقليم الوسط الذي يضم كل من محافظة العاصمة والزرقاء والسلط ومادبا، وإقليم الجنوب ويضم كل من محافظة الكرك ومعان والطفيلة والعقبة.
ما دفعني إلى ذكر ذلك في هذه المقالة أن البعض في لجنة التسعين طرحوا إعادة هذه الأفكار والأخذ بنظام الأقاليم.
وإذا ما أردنا أن نعمل على دراسة هذه الأفكار بصورة مجردة فإننا سنصل إلى هذه الأرقام وعلينا التمعن بها ودراستها وهي كالتالي:
يسكن 8% من سكان المملكة في محافظات الجنوب رغم أنها تُشكل نصف مساحة المملكة وتضم معظم الثروات الطبيعية والاقتصادية الوطنية وهي المينا والفوسفات والبوتاس والمياه الجوفية ومواد البناء والصخر الزيتي واليورانيوم والمواقع الأثرية والسياحية.
ويتركز السكان في محافظات الوسط الذي يسكنه 63% من سكان المملكة مما يولد أعباء وكُلف إدارية واقتصادية باهظة تتمثل في الإرتفاع الهائل في أسعار الأراضي للغايات السكنية وكذلك الأضرار البيئية المتمثلة في الفيضان العمراني الحضري على الأراضي الخصبة المنتجة للحبوب وتدمير مناطق الاستجمام وضعف قدرة المؤسسات المعنية على توفير خدمات الصرف الصحي والبنية التحتية في مناطق العمران الجديدة.
أما محافظات الشمال فتحظى بالنسبة الباقية من السكان والبالغة 29% منهم وتواجه التحديات نفسها المماثلة في محافظات الوسط. وهذا يوضح تمامًا أن توزيع السكان غير متوازن ويضر بالتنمية المستدامة.
لذلك، أعتقد أن على الحكومة أن تضع دراسة هذه المشاكل على برنامج أولوية "هام وعاجل" ووضع الحلول المناسبة لهذا الهدر والتعدي على الأراضي الزراعية. ومن الأهمية بمكان أن نحافظ على تنظيم البلديات ( اللامركزية المحلية) وترشيقها ورفدها بالمهارات والقدرات العلمية وتنظيم مدننا وقرانا بطريقة حضارية.
أما تنظيم اللاتركيز إداري وأعني بذلك المحافظات أن ندعم هذا التنظيم وأن نحافظ عليه ورفده بالكفاءات؛ وإن عملية تحويل المحافظات إلى تنظيم لامركزية فإن ذلك يحتاج إلى تعديل دستوري لأن التقسيمات الإدارية حسب الدستور تُنظم بأنظمة وليست بقوانين.