ما نزال في توقيت غامض الى حد كبير، حول الوضع الداخلي، خصوصا، مع الارتفاع المفاجئ لعدد المصابين بوباء كورونا، وهو ارتفاع كان متوقعا في كل الأحوال.
حين ترتفع نسبة الإصابات يوم امس الاحد إلى 4.44 % مقارنة بـ 2.92 % يوم السبت، فهذا يؤكد اننا امام ارتدادات لحالة عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، خصوصا، في فترة العيد، وقد لمس الجميع، حالة الاسترخاء في كل مكان، وكأننا خرجنا من الوباء، وهذا وضع رأيناه حتى بين أولئك الذين حصلوا على اللقاح، ظنا منهم ان اللقاح يعد حماية كاملة من الفايروس.
في كل الأحوال، نحتاج الى عدة أيام، حتى تتضح الصورة، واذا ما كانت هذه الأرقام سوف ترتفع اكثر، ام سوف تنخفض، وكل ما نتمناه ان لا نعود في هذه البلاد الى الأيام الصعبة.
لكن هذا الارتفاع يعزز من جهة ثانية أهمية الحصول على اللقاحات، لكل من استطاع اليه سبيلا، خصوصا، اكثر من ربع مليون شخص فوق الستين من العمر، لم يحصلوا عليه، وهم في عمر حساس صحيا، إضافة الى الذين سجلوا وينتظرون دورهم، والفئات التي ستكون مجبرة فعليا على الحصول على اللقاح بعد الخامس من آب، تجنبا لمطالبتهم بفحصي كورونا اسبوعيا مكلفين مالياً على مدى فترة تجنبهم للقاحات، وهو تجنب لا بد ان ينتهي.
الرقم الذي تم إعلانه امس عن تطعيم 100 الف شخص في يوم واحد، امر مطمئن، خصوصا، انني اشرت سابقا الى الخوف من الاكتظاظ في مراكز التطعيم، وهو امر محتمل، ترد عليه الجهات الرسمية بوجود خطة لاستيعاب هذه الاعداد التي ستتدافع للتطعيم خلال الأيام المقبلة.
ما هو مهم هنا، يرتبط بجوانب قريبة، أهمها ملف الدوام في المدارس الخاصة، التي اعلن المسؤولون ان اكثر من 130 الف طالب انتقلوا منها العام الماضي، وهذا العام، بما أدى الى ضغط على المدارس الحكومية، ومشاكل مالية ليست سهلة في المدارس الخاصة، والاشاعات هنا كثيرة، حول ملف المدارس عموما، ولا بد من حسمها، وعدم تكرار وضعية العامين الماضيين، من حيث عدم وضوح الصورة حتى اللحظة الأخيرة، ولعل ابرز الاشاعات هنا، ان المدارس الخاصة، سوف تعمل، والمدارس الحكومية سوف تستمر عن بعد، إضافة الى إشاعة ثانية عن فرض المطاعيم على كل الطلبة، ولا بد ان تنجلي قصة المدارس بشكل واضح، إضافة الى ملف الجامعات والكليات، حتى لا يترك التعليم عن بعد اثرا إضافيا سلبيا.
لن تجد الجهات الرسمية أي حل اذا ارتفعت نسبة الإصابات مجددا، سوى العودة الى بعض الإجراءات الثقيلة على قلوب الناس، وهو امر لا يحتمله الاقتصاد، ولا معنويات الناس، خصوصا، ان دولا كثيرة عادت الى بعض الإجراءات امام تدهور الوضع الصحي، ولا حل هنا للأفراد سوى تلقي اللقاح، من اجل ان يتجنب الجميع العودة الى أي شكل من اشكال الاغلاقات، خصوصا، مع وجود نسخة دلتا المتحورة، واي نسخ جديدة قد تستجد علينا.
التأثيرات الاقتصادية لوباء كورونا أدت الى خسارة الاقتصاد العالمي، اكثر من اثنين و عشرين تريليون دولار وفقا لتقديرات النائب الأول لمدير عام صندوق النقد الدولي، والاقتصاد الأردني صغير، وتأثر الى حد كبير بسبب الفترة الماضية، لكن حال العالم، ليس طوق نجاة لحكوماتنا لتبرر الأوضاع الاقتصادية، فيما الافراد قادرون بشكل ما، على تخفيف الكلفة الاقتصادية عليهم وعلى الداخل الأردني، بخفض الإصابات مجددا، عبر الإجراءات الاحترازية، والحصول على اللقاح، والحفاظ أيضا على جدوى اللقاح، بعد الحصول عليه، بمواصلة الإجراءات الاحترازية، وليس الاطمئنان والاسترخاء، وكأن شيئا لم يحدث.
ما يقلق الناس في الأردن، هو التوجس من كثرة تغير التعليمات والقرارات في ملف كورونا، خصوصا، على صعيد القطاعات المفتوحة والمغلقة، او أي احتمالات بشأن الحظر، لكن حين نرى كل هذه التقلبات في العالم، وعودة الأرقام في الأردن الى الارتفاع، ندرك ان الازمة اكبر من السيطرة عليها، في ظل عدم انتهاء الوباء، وعودته مجددا على شكل موجات هنا وهناك.
نحن هنا نعبر توقيتا غامضا، حالنا حال غيرنا، لكننا في كل الأحوال نرجو الله اللطف والسلامة، وان يغادرنا هذا الكابوس، بأقل الكلف والفواتير التي تتنزل علينا.
(الغد)