خطاب ملكي يؤسس لخطة نهوض وطنية تشاركية
محمد حسن التل
09-06-2010 05:32 AM
وضع جلالة الملك أمس ، في خطابه بمناسبة العيد الحادي عشر للجلوس الملكي وذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش ، الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية ، حين حدد وضع معالم برنامج عمل متكامل للمرحلة المقبلة ، حيث حمل الخطاب الملكي ، مضامين وتوجيهات سامية بالغة الأهمية ، تشكل بمجموعها منهاج عمل وطنيا ، يشمل كافة المؤسسات الرسمية والشعبية ، وكل مكونات المجتمع الاردني ، لترجمته والاسترشاد بمضامينه ، لاستمرار مسيرة التنمية والازدهار ، وبناء مستقبل هذا الوطن.
لقد جاء الخطاب الملكي ، تتويجا لتوجه إصلاحي ، يؤسس لخطة نهوض وطنية تشاركية ، ما يستدعي وضع خطة عمل لتنفيذها على ارض الواقع ، يسهم في ترجمتها ، جميع مكونات الوطن بمختلف مستوياتها ، ليتحقق ما يتطلع إليه الأردن ، انطلاقا من واقع يعي تماما امكانياته ، ويعبر الى المستقبل ، بحيث يعمل الجميع كشركاء في بناء وتطوير الأردن.
وعلى هذا الاساس ، فان على الاعلام الوطني دورا بالغ الاهمية ، في تكريس هذه المضامين والتوجيهات السامية ، التي تضمنها الخطاب الملكي ، وبالتالي لا بدَّ من تفعيل ادائه ، لترسيخ بناء الدولة وثوابت الوحدة الوطنية: فالإعلام يعد حجر الزاوية ، في تهيئة الأجواء اللازمة والضرورية ، لحركة التنمية الشاملة في المجتمع ، ويجب أن يكون دوره قيادياً ، في عملية البناء الوطني.
إن خطاب جلالته ، وضع النقاط على الحروف ، وعبَّر عن توجه صحيح ، في الزمان والمكان الصحيحين ، حيث حرص جلالته ، على جلاء الموقف ، من عدد من المواضيع ، التي يكثر فيها الحديث ، بين فترة وأخرى ، ومنها ما يسمى الوطن البديل ، والخيار الأردني والتوطين ، وموضوع الوحدة الوطنية ، وهو ما يستدعي ، الشروع بالتطبيق العملي ، لمضامين الخطاب الملكي ، من اجل تحصين الجبهة الداخلية.
ومرة اخرى ، يعيد جلالته ، التأكيد على ان الوحدة الوطنية ، أمانة في عنق كل واحد منا ، فهي ركيزة استقرارنا ، وضمانة مستقبلنا ، وهي خط أحمر ، ولا يمكن أن نسمح لأيّْ كان ، بتجاوز هذا الخط ، مذكرا جلالته ، بما قاله الحسين رحمة الله عليه "بان كل من يحاول العبث بالوحدة الوطنية ، والإساءة إليها ، هو عدوي إلى يوم القيامة ، وهو أيضا ، عدو عبدالله بن الحسين ، وعدو كل الأردنيين" ، ويتطلب ذلك ، تكاتف المجتمع الاردني بكل أطيافه ، ضد ما تردده فئات خارجة عن الأصول الأردنية المرعية ، ويجب التصدي لها بحزم ، ونبذ المسيئين من بين ظهرانينا ، ليبقى الأردن الخيمة الأشم ، التي تظللنا جميعا بألف خير.
إن جلالة الملك عبدالله الثاني ، كان الاول في التحذير من هذه الفئات ، وقطع دابر نواياها السيئة ، التي تأبى ، إلا أن تطل برأسها ، بين الحين والآخر ، لتغرًّد خارج السرب ، لانه يغيظها أن يسير الاردن ، في نسق البناء والإعمار ، ومواصلة التحديث والتطوير ، وتريد أن تعود إلى الوراء ، آخذة معها من يستمع إليها ، بغضّ النظر عن تبعات ما تقوم به ، لتعكس بذلك ، أخلاقها البعيدة عن الانتماء والولاء ، في محاولة منها ، أن تعيث فسادا وإفسادا ، والنخر في شجرة الإنجاز الاردني ، الذي أبهر العالم ، وهو أمر يغيظ هذه الفئة المعزولة ، التي لن تنال من عزيمة الأردنيين ، ولا تزيدهم ، إلا مضاء وقوة واقتدارا.
إن الاردن يتباهى بوحدته الوطنية ، ويعضّ أبناؤه عليها بالنواجذ ، بعد أن انصهرت كل مكوناته ، في بوتقة الإيمان بالله ، ثم بالوطن الاردني الغالي ، وبقيادته الهاشمية ، التي قيّضها الله له ، متسلحة بالحكمة وبُعد النظر ، واستشراف المستقبل ، لبناء الوطن الأنموذج ، الآمن المستقر.
وفي موضوع العنف المجتمعي ، فان الجميع مطالب بالتصدي ، لكل من يحاول الخروج عن القانون ، والعبث بالأمن والاستقرار ، وضرورة تضافر جهود جميع الجهات المعنية ، للتعامل مع هذه الظاهرة الغريبة ، وغير المألوفة ، على مجتمعنا ، وهذا ايضا يستدعي من الإعلام بكل وسائله ، تحمل مسؤولياته الوطنية ، في الابتعاد عن تضخيم هذه الظاهرة ، ومحاربتها بالتوعية والتثقيف ، كما يتوجب ، ان يكون تعامل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ، مع هذه الظاهرة ، بصورة أكثر جدية ، وتطوير الخطط الاستراتيجية لمواجهتها.
ليس خافيا ، حرص الحكومة ، على توفير أجواء الأمان والاستقرار ، في ربوع الوطن ، التزاما بالتوجيهات الملكية السامية ، ووقوفها في وجه ، كل من يحاول التطاول عليه ، ومحاولات العبث بمقدرات الوطن ، فالعنف عموما ، يهدد مسيرة الوطن ومنظومة الأمن الوطني ، وبالتالي يجب وضع الحلول الجذرية اللازمة ، للقضاء على هذه الآفة ، حفاظا على مكتسبات الوطن والإنجازات ، التي تحققت في شتى المجالات التنموية.
إن تنامي ظاهرة العنف المجتمعي ، يتطلب تضافر الجهود لمعالجتها ، ارتكازا الى تطبيق سيادة القانون ، والتركيز على دور التوعية ، وتفعيل دور المؤسسات المعنية بقطاع الشباب ، وتعزيز دور الإعلام الايجابي ، في إطار نبذ العنف المجتمعي ، والمساهمة الجادة مع المؤسسات كافة ، للانتقال إلى المجتمع المدني ، والاحتكام إلى القانون ، وتفعيل العادات العشائرية الإيجابية ، التي تؤدي إلى الحد من هذا العنف.
لقد عكست مضامين الخطاب السامي ، الرؤية الثاقبة لجلالة الملك ، واعادت التأكيد على جملة من الثوابت ، التي اعلنها جلالته في اكثر من مناسبة ، لا سيما القضية الفلسطينية ، وموقف الاردن الواضح والراسخ ، بالاستمرار بالقيام بواجبه ، في دعم الأشقاء الفلسطينيين ، حتى اقامتهم دولتهم المستقلة ، وانه لن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية ، على حساب الأردن ، مثلما انه ، لن يكون للأردن ، أي دور في الضفة الغربية.
ويبقى القول ، في هذه الذكرى الوطنية العزيزة على قلوبنا ، أن نردد التحية ، التي وجهها جلالته ، إلى النشامى رفاق السلاح ، حماة الوطن والمسيرة ، رمز العطاء والتضحية والبطولة ، في الجيش العربي والأجهزة الأمنية ، وإلى كل مواطن ومواطنة ، في أردن العروبة والوحدة ، ونقول.. كل عام والوطن والملك المعزز ، بألف خير.
الدستور