كل عام وأنتم بخير… كل عام وأردننا الذي نحب وأهله بخير…رغم أنف كل من صنعوا المنغصات..ورغم أنف كل فاسد وحاسد، كل عام وأمتنا بعز وخير…اكتب للعيد وفي كل مرة أبحث عن جديد، ولكن الظن يخيب فأجد أن ما كتبته من قبل للعيد وعنه أفضل، فكرت أن اتفاءل… حتى لو اصطنعت الفرح… تجولت في سوق اربد بالأمس راجلاً ، بدأت من أول شارع بغداد إلى سوق الحب ثم شارع السينما والحسبه وشارع فلسطين ثم شارع ايدون وشارع الحصن والجامعة والحصيله قرابة ستة كيلو مترات وأنا متعود على ذلك يوميا، للحقيقة حاولت الإحتكاك والإشتباك مع الكثير ممن واجهتهم… إما بالملاحظة أو الحديث أو السؤال أو المراقبة… والنتيجة، تواجد وقوة شرائية شبه معدومة، التجار أصابهم الإحباط والملل من ندرة الزبائن، فقط مطعم الشاورما كان لديه إزدحام محدود، أنظر في وجوه الناس وأقرأ غياب الفرح، وعدم الإهتمام وكأن الناس تهيم على وجهها، يا الله… ليس هذا ما كنا نعيشه قبل سنوات من صخب وزحمة وتهافت، وسألت نفسي هل فعلا هذا يوم الوقفه؟ طيب الكل استلم الرواتب..؟ ولكن الإجابة تداهمني، الأوضاع الإقتصادية، الركود يقتحم حياتنا تجاراً ومواطنين، توقفت عن الكتابة واستعرت مما كتبته سابقاً لعلي ابث فيكم شيئا من فرح مفقود.
يا الله… بكره العيد وبنعيد… وبنذبح بقرة سعيد… أغاني الطفوله، كنا نرددها كل عيد هي واهازيج بوهيمية أخرى… كنا أطفال وكان الفرح عفويا ومشروعاً… كانت التعريفه تفرحنا… وحفنة الفيصليه والمخشرم…وحبة التوفي المعتق من السنة الماضية ربما… ! ونطير فرحاً بحبة السلفانا(الشوكلاته الوحيدة ايام العز والرز والطفولة الغضة)… وإذا وصلت العيديات قرش أو قرشين، فالبذخ أن نشتري بسكويت غندور…أو قنينة بيبسي... أو سحبة بالونات أو دواحل… ولا تنسوا فرد الفقيع او الماء والباروده البلاستيكية… والفُريره والكثير الكثير من مراسم العيد الطفولية…والتي يصاحبها لبس بوط الصيني الجديد الأسود ابو إصبع إن وجد… ! وملابس العيد إن وجدت..! كان الفرح مشروعا وكأنه متلازمة الطفولة فقط…! لأنه منذ تلك الأيام وكلما كبرنا ونضجنا… غاب الفرح وعزت الإبتسامة والعفوية…وهو موروث تربينا عليه، ممنوع تفرح، من خلال تعليمات صارمة غير معلنة؛ الضحك بيقلل الهيبه..! الكشره ماركة مسجلة للرجوله..! وصاحبنا ذات الموروث في جيناتنا كلما تقدم بنا العمر… حتى صار شعبنا الأردني يوسم بالشعب الزعلان على رأي كاتبنا فخري قعوار…
ما علينا… كنا نود أن نفرح او نتصنع الفرح… كنا نود أن نفرد الإبتسامة… ولكن… من حيث لا تدري تداهمك كل صنوف المنغصات والمشاكل والعوز الشعبي والوطني… ومع كل هذا انصحكم بالفرح والإبتسامة… .ولا تنتظروا وعود الحكومات بغدٍ أفضل… إصنع الفرح إضحك وابتسم فالقادم ليس أفضل بجهود جهابذة التخطيط والإدارات، كابوسنا الجاثم على صدورنا، وهم الذين ندورهم أباً عن جد، وكابراً عن كابر مع سبق الإصرار والتناحة والترصد، وكأن الأردنيات عقمن أن يلدن إلا من ذات الطبقة وذات العائلات، وكأنهم قدرنا المبرم رغم خيباتهم، ونتائجهم (الطشيه) حتى تاريخه..! ، مع ثقتنا بالله أن يكون غدنا أفضل… دون وعود الحكومات وفذلكاتها.
العيد هذه السنة مُثقل بكل صنوف العيد و الا عيد..! القدس وبطولة أهلها، غزة العز والصواريخ والتضحيات والشهداء وركام الأبراج وتشييع الشهداء ما زالت حاضرة، الكورونا وغزوتها وتنكيلها بكل أدوات الحياة، الحكومات لا لون ولا طعم ولا رائحة إلا رائحة التردد والتخبط والا فعل، الإقتصاد وتردي الأوضاع ووجع التاجر والعامل وقلة الحيله، التعليم والا تعليم عن بعد وعن المنصات وركاكة المشهد..! ملحمة التوجيهي لا بل معركة التوجيهي وما رافقها من انتكاس وإحباط للطلبة والأهالي، قنينة النفط المعتق والوعد القديم… بنفط نعوم عليه لا نحتفل به للذكرى، فقد قالتها الوزيرة لرئيس الوزراء… ومن يومها وأنا مرعوب، فقد حدثني عقلي الباطن الملعون، بأنه (هاي أول وآخر مره بتجيبوا سيرة النفط، نفط ينفطكوا)، وخلينا نغير الموضوع بلاش… .! طبعا أعتقد أن الغنم والماعز سيفرح كثيرا هذا العيد، الأسعار عاليه (وما فيش مصاري)، حتى أن البعض وعلى سبيل التندر يدعو للطلب من رجال الدين والإفتاء السماح بتضحية ما تيسر حتى لو دجاجة..!.
وها نحن في أول أيام العيد، رغم كل شيء ، سنُعيد (من غير بقرة سعيد) ونزور الأرحام كعادتنا، والعيدية جاهزة لدى البعض، ومع الخصم للنصف او أكثر لقلة ذات اليد وللتعطل وعدم وجود دخل للبعض الآخر…، ورغم ضيق الحال والأحوال…وسريالية لا بل سوداوية المشهد..! دعونا نذهب للأصل.. لقرانا وأرحامنا… لنْقبل أيدي أمهاتنا ونعايدهن والأرحام، لنزور امواتنا ونترحم عليهم ونغبطهم الراحة… لندع الفرح يتنفس ولو بصعوبة بين دخان المنغصات، افرحوا وأفرِحوا غيركم ولو بعضاً من فرح… (فالكثيراً) قد لا تأتي… والعمر يمضي… والحال لا يمضي يجثم على صدرونا دون بارقة أمل بالتغيير… وبكل الأحوال… عيدكم سعيد…وتقبل الله الطاعات… . حمى الله الأردن.