قبل ايام ، كتبت مقالة انتقدت فيها حركة "حماس" لمفاوضتها "اسرائيل" على مدى مائة وعشرين جلسة مفاوضات غير مباشرة ، وهو الكلام الذي اعلنه محمود الزهار احد قياديي حركة حماس في مخيم النصيرات في غزة.
اعترف اولا ان المقال جوبه بردود فعل عنيفة وناقدة ، لانني ربما تسرعت بقراءة التفاصيل ، فقد وردتني المعلومات حول تصريحات الزهار بشكل ناقص ومجزوء ، بحيث بدت كأنها مفاوضات سياسية بين حماس واسرائيل ، فيما حقيقتها هي مفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء ، لاجل اتمام صفقة اطلاق سراح اسرى فلسطينيين ، واطلاق الجندي الاسرائيلي المحتجز في غزة ، وهذا خطأ وقعت به جراء عدم التدقيق في المعلومة ، والتسرع في صياغة رد الفعل.
يستحق الزهار اعتذارا مني ، ولا اجد عيباً في ذلك ، لانني اولا اؤمن بنهج المقاومة ، ولا اؤمن اصلا بالمفاوضات ولا بالسلام او الاستسلام ، وقد عز علي لحظة قراءة التصريحات غير الكاملة ، ان تدخل حماس ايضا في نفق التفاوض السياسي ، ولربما لحظتها شعرت بيأس كبير ، فاذا كانت حماس ستفاوض على فلسطين ، وفتح ستفاوض على فلسطين ، وسلطة اوسلو ستفاوض على فلسطين ، فمن ذاك الذي سيبقى "سراجا منيرا" وسط هذا الخراب ، وهذا يبرر استخدامي لتعبيرات فيها مس بشخصية محمود الزهار.
استاذنا العزيز زياد ابو غنيمة ، الذي طالبني باعتذار ، معه حق ، غير ان عليه ان يعرف ان سر الغضب هو ذات السر الذي يعتمل في قلبه لاجل فلسطين ، خصوصا ، ان دوافعنا واحدة في نهاية المطاف ، ولا اجندة لدي ضد اي مقاومة ، ولست من هذا الفصيل المتأمرك ، بل لربما ايضا من حقي ان اعتب على الاشارات التي صدرت والتي تقول باستعداد حماس بقبول دولة في حدود سبعة وستين ، مقابل عدم الاعتراف باسرائيل ، ونحن نعرف ان مجرد القبول بدولة في هذه الحدود ، سيأخذنا الى ذات مدار الاعتراف بشكل غير مباشر.
يخطئ الصحفي والكاتب في احيان كثيرة ، غير ان الارضية البيضاء قد تغفر في حالات كثيرة لهذا او ذاك ، وانموذج المقاومة الذي تمثله حركة حماس يتوجب ان يبقى ساطعا مشرقا ، لانه سُيثمر ولو بعد حين ، ولانه انموذج تتم متابعته ويتم التأثر به ، ولا نريد له ان تتراجع ارصدته في نفوس الناس ، لانه ليس ملكا لنفر محدود ، بل هو انموذج متفرد ، سيبقى في التاريخ درسا لهذه الامة ، وفي مواجهتها للاحتلالات ، واي ظروف تعصف بهذه الامة.
رد فعل استاذنا "زياد ابوغنيمة" على ما فيه من عتب ، رد فعل محترم ، والمثير هنا ان تأتيك ايميلات مجهولة لاناس يعتبرون انهم يدافعون عن القضية عبر شتمك بمفردات تبدأ بقذر وتمر بحيوان ، وتنتهي بنجس ، ولا تصاب بالذهول من هكذا مستويات لان صاحبها لم يقرأ سوى مقال واحد لك ، ولو كان من متابعيك لعرف ان لا اجندة لديك ضد المقاومة ، فيما هكذا مفردات تعكس من جهة ثانية ظن البعض بأنه يؤجر ويثاب على هكذا مستوى في المراجعة والتصحيح والتدقيق ، وقد كان بالامكان تصحيح الخطأ بمداخلة محترمة بدلا من الشتائم.
لمحمود الزهار اعتذاري الشديد.. ولفلسطين الحرية والتحرير.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)