كي لا يكون الاصلاح في الاردن فرصة مهدورة
عمر الرداد
17-07-2021 02:44 PM
تضمر لفظة "التحديث" الواردة في مسمى اللجنة الملكية الخاصة بتطوير المنظومة السياسية " مفهوما واصطلاحا جوهر مهمة اللجنة، وباتجاهين، الأول: ان مخرجاتها لن تكون ثورية بل تعتمد التطوير والتحديث أي البناء على ما هو قائم، والثاني: ان جوهر عملها سيكون بتطوير قانوني الانتخاب لمجلس النواب والاحزاب، فيما بقية التعديلات المفترضة ستكون مبنية على هذين القانونين.
واضح ان اللجنة تجاوزت، الى حد ما، موضوع تشكيلها واختيار اعضائها، رغم استمرار طرح الكثير من الملاحظات حول هذه القضية والتي تشير الى أنه باستثناء جماعة الإخوان المسلمين، وتيار الدولة المدنية، فإن غالبية الأعضاء ليس معروفا الجهة التي يمثلونها، فيما لم يعكس التشكيل التحولات التي شهدها الأردن منذ العام 2011 بتراجع قوى تقليدية، وظهور قوى جديدة كانت ذروة حضورها في حزيران عام 2018 بما عرف بحراك الدوار الرابع الذي أطاح بحكومة الدكتور هاني الملقي.
الحوارات انتقلت إلى مناقشات لقانوني الانتخاب والاحزاب، بتركيز اكبر على قانون الانتخاب، لا سيما مناقشات حول مقاعد الكوتا وثنائية الكثافة السكانية والجغرافيا بوصفهما أهم معايير توزيع المقاعد النيابية، وبفائض من المسكوت عنه، بين القوى الحقيقية التي تتشكل منها المكونات الاردنية، هذا المسكوت الذي يؤشر الى تخندق لا يعكس قناعات برغبات صادقة للوصول الى صيغ توافقية، بل ينطلق من مفاهيم الانتصار والهزيمة بالحفاظ على الوضع القائم وتعظيم المكتسبات التي تحققت وهو ما يتعاكس مع مهمة اللجنة الملكية الاولى والاخيرة بتطوير المنظومة السياسية وتحديثها، لانها تشتمل على اختلالات.
اعتقد ان قانون الاحزاب اهم من قانون الانتخاب، إذ ان قانونا عصريا للأحزاب يؤسس لثلاثة تيارات، مكوناتها قائمة في المشهد السياسي الاردني"يمين، وسط ويسار" سيكون كفيلا بتجاوز كل ما يطرح من ثغرات تدور حولها جدالات حول توزيع المقاعد، لا سيما وأن كافة الديمقراطيات في العالم مرجعيتها الأحزاب والتنافس على البرامج، فيما يمكن معالجة أية اختلالات خاصة بتمثيل قطاعات دون ان تؤثر على عنوان تشكيل المجالس النيابية وهو الاحزاب التي تتمثل عبر كتل برلمانية، وليس المناطق ولا اية تقسيمات اخرى، ترتبط بالجغرافيا ومقولات الكثافة السكانية ومقاعد الكوتات، اذ من المؤكد انه بالقوائم الحزبية ستغيب الكثير من المرجعيات بما فيها جدالات الهوية والمواطنة، والمشروعيات التاريخية للكوتات، التي أنتجت في سياقات لم تجاوزها الزمن، بما فيها كوتا المرأة.
ورغم كل ما يقال فإن اللجنة الملكية بالنهاية امام محطة تاريخية ، تشكل فرصة لإنجاز إصلاح حقيقي، يتجاوز تجميل ما هو قائم، بتعديلات شكلية على قانون الاحزاب، بما في ذلك قضية تمويلها من الحكومة وعدد اعضاء الحزب، او بتعديل عدد مقاعد المجلس ،زيادة او تخفيضا، بسحب مقاعد من دوائر لحساب دوائر اخرى،وستبقى مخرجات اللجنة وثيقة في سفر التاريخ السياسي الاردني،على غرار الميثاق الوطني، لا سيما وانها تحظى بتعهد ملكي لدعم توصياتها ومقترحاتها التي ستمر عبر محطتي الحكومة ومجلس النواب، ولن يعفي أعضاء اللجنة اية ذرائع ومبررات، في ظل راي عام متشنج فقد الأمل بالاصلاح، تشده ازماته الاقتصادية وتداعياتها وأبرز مظاهرها الفقر والبطالة التي فاقمتها كورونا.