هل حقاً هناك من يريد الاصلاح في الاردن 4
اللواء المتقاعد مروان العمد
16-07-2021 04:00 PM
وبعد ان تحدثت عن الحكومات ، وبعد ان تحدثت عن مجالس النواب ، وبعد ان تحدثت عن الاحزاب السياسية ومدى جدية كلٍ منهم في تحقيق الاصلاح السياسي في الاردن ، فسوف اتحدث عن قطاعات متعددة من قطاعات الشعب الاردني .وهل هذه القطاعات تريد الاصلاح وهل لديها مشروع اصلاح وهل سارت خطوة على هذا الطريق .
وسيكون بداية حديثي عمن يطلق عليهم مصطلح الموالاة ، وهم الذين في مجملهم وقفوا الى جانب النظام وسانده ونصروه في مختلف الازمات والاحداث التي مرت على الاردن ، والذين اصبح اكثرهم يتحدثون عن الاصلاح ويطالبون به ، وذلك لانهم شريحة من شرائح المجتمع ويصيبهم ما يصيبه من غلاء وبطالة وضرائب تنوء بها ظهورهم ، وما يعانونه من تهميش واهمال رغم ولائهم وانتمائهم .وذلك لايمانهم ان النظام الهاشمي في الاردن هو صمام امان له ولهم . وانه وفي حال غياب هذا النظام لا سمح الله فأن البديل الفوضى والصراع على المراكز والمكاسب . ولذلك اخذت هذه الفئة ترتفع بينهم اصواتاً تطالب بالاصلاح ، وذلك لتحسين اوضاعهم ولنيل حقوقهم ولحماية النظام لحماية انفسهم . ولكن هذه الفئة ورغم كثرتها فأنه لا يوجد ما يجمعها على قواعد مشتركة تمكنها من وضع أسس لمشاريع اصلاح ، وذلك لكونها تمثل فئات مختلفة وكل فئة لها نظرتها للاصلاح.
علماً ان هذه الفئة لا تشمل اصحاب المصالح والمناصب والذين يتاجرون بولائهم لتحقيق مصالحهم ويتبادلون ويتناوبون على المناصب والمراكز و يتوارثونها ، ولا تشمل الفاسدين والمتسلقين واللذين ينقلبون على مواقفهم السابقة ما ان يتم تعينهم في احد المناصب . ومن الطبيعي ان تلك الفئة لا تعمل من اجل الاصلاح بل هي تحاربه لتناقضه مع مصالحها.
ثم سيكون حديثي عن المعارضة والتي اقسمها الى عدة اقسام ، والاولى منها هي المعارضة الوطنية المخلصة والتي تسعى من وراء معارضتها الاصلاح ومحاربة الفساد . ولكن توزع هذه المعارضة على عدة مدارس سياسية وفكرية متعددة لا يجمعها رابط ، بل هي في مجملها مواقف فردية ، تجعل اتفاقها على قوانين الاصلاح وخاصة قانوني الانتخابات والاحزاب من المستحيلات .حيث لو انها ارادت ان تضع تصوراتها لمثل هذه القوانين سنجد العشرات من النصوص المقترحة والمتناقضة.
كما توجد المعارضة العدمية والتي هي تعارض من اجل المعارضة فقط ، وحتى لو اقترحت عليها افضل مشاريع القوانين فأنها سوف ترفضها . كما توجد المعارضة العميلة والتي تأتمر بأوامر خارجية ومن اهدافها اعاقة اية عملية اصلاحية حتى يبقى الاردن ضعيفاً ، وفرض شروط القوى الخارجية علية . كما توجد المعارضة الانتقامية وهي على الاغلب تتكون من مسؤولين حكوميين وعسكريين سابقين وصلوا الى اعلى المناصب التي وفرت لهم الجاه والمال ، ثم وجدوا انفسهم بلا مال ولا جاه . كما تشمل بعض المسؤولين في الشركات الحكومية والخاصة الذين تم ابعادهم عنها لسبب او آخر . كما توجد المعارضة المصلحية والتي تعارض وتطالب بالاصلاح الا ان يعرض عليها منصب ما ، فتنسى كل ما كانت تنادي وتتحدث به ، وتصبح تمارس وتطبق نفس السياسات التي كانت تنتقدها . والذين وللاسف اصبحت تجارتهم هذه تجارة واضحة ورابحة وعلى حساب اصحاب ذوي الاستحقاق والجدارة . وليس ادل على ذلك حملة اليافطات ، المشاركين في الوقفات والاعتصامات والقافزين على المناصب والمراكز .اما المعارضة الخارجية فانها خارج حساباتي لاني اعرف انها ابواق تعمل على الريموت كنترول.
وما بين جماعة الموالاة وجماعة المعارضة تقع اغلبية صامتة لا تسعى لممارسة اي دور لها حتى لو كان للدفاع عن حقوقها .
كما يوجد نجوم وسائل التواصل الاجتماعي والذين يبلغ عددهم عدد من يملكون هواتف ذكية، والذين اصبحوا خبراء واهل اختصاص بكل شيئ ما عدا الموضوع الذي يتحدثون به . لذلك اصبحنا نجد صفحات التواصل الاجتماعي ميادين صراع وحوار عدمي وفي الكثير من الحالات الى هجومي وغير اخلاقي وغير موضوعي . بحيث اصبح الكثيرون يطرحون افكاراً معينة ويدافعون عنها ، وفي يوم آخر يطرحون ما يناقضها . في حين ان البعض يتخصص بنشر الخزعبلات والاشاعات والاخبار الغير صحيحة وانتقاد كل قرار والتهجم على كل مسؤول وكل قرار وقانون . ومن الطبيعي ان هذه الفئة غير صالحة وغير قادرة على وضع اي مشروع اصلاحي حتى لو حاولت ذلك.
كما ان بعض الاسس التي تتبع في الاردن لاشغال المناصب والمراكز السياسية والقيادية من اتباع المحاصصة على مستوى المحافظات والمدن والعشائر والعائلات والاصول ، ستبقى عائقاً لاي مشروع اصلاحي . وذلك لأن معظم الذين يتحدثون عن الاصلاح ، والمطالبين بتعيين اصحاب الاختصاص والخبرة في المناصب الحكومية والهامة سوف ينسون مطالبهم وشعاراتهم اذا استثنيت مناطقهم ومحافظاتهم وعشائرهم وعائلاتهم واصولهم من بعض هذه التعيينات.
ولكل ما تقدم وهو يمثل وجهة نظري الخاصة فأنني على قناعة تامة بعدم توفر اي نية حقيقية لدى هذه الفئات التي استعرضتها بمقالاتي اليوم على القيام بالاصلاح . واذا توفر فيهم من يملك هذه النية والقناعة ، فأنه من غير الوارد اتفاقهم على نصوص القوانين الاصلاحية وخاصة قانون الانتخابات والذي طرحت العشرات والمئات وربما اكثر من النصوص المختلقة والمتناقضة والتي لا تلبي الا مصالح طارحيها ، ولا تلاقي رضى وموافقة الآخرين.
ولهذا فقد قلت ان اية قوانين وتشريعات اصلاحية يجب ان تأتي من فوق ، وتكون اصلاحية وتراعي الحد المعقول الذي يمكن ان يجمع عليه اكبر عدد من المواطنين دون اشتراط الاغلبية لاستحالة ذلك . الا ان جلالة الملك رأى ان يعهد بهذا الامر الى لجنة ملكية والتي كانت من مطالب الكثير من المواطنين كوسيلة اخيرة . وعن هذه اللجنة وتشكيلها وردود الفعل عليها وعن احتمالية نجاحها في مهمتها حيث آخر .