مواجهة الفتن المتنقلة بالوعي والحزم
د. محمد القضاة
21-06-2007 03:00 AM
كانت أمتنا تعيش في ظل مبادئ سامية، وكان ظاهرها كباطنها، وباطنها كظاهرها إلى أن أخذت الأهواء تنخر فيها، وصرنا نردد بحزن وألم:
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي مطرق خجلاً من أمسك المنصرم
اسمعي نوح الحزانى واطربي وانظري دمع اليتامى وابسمي
ها هي أمتنا تلعق جراحها، وتلعن حاضرها، وتأكل بعضها، وتنتكس مفاهيمها وأحوالها، وتتبدل أولوياتها وأفكارها، وتنتقل من عروبتها ودينها إلى أحضان غيرها، وتضع أوراقها في سلة أعدائها، ويرتفع فيها من لا يستحق ويغيب من يستحق ! ماذا نقول لقوافل الشهداء والأرامل واليتامى والثكالى، ماذا نقول للعالم عن خطوط الأخوة الحمراء؟ من يصدق ما حصل في غزة من تحرير!! والتحرير منْ مَنَ؟ وها هي إسرائيل تعيش فرحها وجذلها وشعب فلسطين يعيش مذهولاً لهول ما رأى وشاهد من قتل وإجرام وإحراق لمؤسساته الوطنية، وأمتنا غير مصدقة هذا التمسح بالدين والصلاة على أبواب المؤسسات الفلسطينية المحررة؟! وشباب فلسطين يخرجون شبه عراة يرفعون أيديهم وهم يرتعدون أمام فوهات بنادق المحررين؟ أين أصبحت قضية فلسطين أيها الرفاق؟!هل يرضيكم هذا الانشقاق وهذه الفتن؟ فما أكثر الفتن، وما أكثر اللاعبين والمتآمرين على أمتنا، وما أكثر الدماء والأشلاء والأحزان حولنا؟!
ما جرى في غزة علينا أن نفحصه بعين ثاقبة وبصيرة نافذة وتأمل عميق لكي يدرك كل واحد منا أهمية الاختيارات الديمقراطية، وخاصة أننا على أبواب انتخابات بلدية ونيابية مما يقتضي أن نقيل العثرات، وان يعرف الجميع ان هذا الوطن لا يقبل الشعارات البراقة والظواهر الصوتية والأحاديث الهلامية والاتفاقات البرجماتية التي أدت بغزة إلى حالة الاحتراب والتحرير! ونسأل أخوة التراب من القاتل والمقتول! ومن الغالب والمغلوب؟ أنها فلسطين وأمتنا كلها، لا فخر لأحد في هذه المسألة ولا نصر لطرف، والخاسر الشعب الفلسطيني الذي فقد أمله القريب في دولة مستقرة ،هذا الشعب الذي اختار حماس وحملها إلى الحكم ،وهذه النتيجة؟؟ فهل ندرك هذا الدرس ونفهمه؟؟ إن المسؤولية كبيرة، والفتن كثيرة، والأخطار تحدق بنا من العراق الذبيح وفتنه الطائفية التي لم تترك حتى بيوت الله ، ولبنان الجريح على فوهة البركان، وفلسطين المغتصبة تقدم أغلى هدية لأعدائها في ذكرى النكسة،ذكرى ضياع فلسطين ويوم الضياع الكبير، وهاهي أمام اختبار مصيري يحتاج إلى العقل والموضوعية بعيداً عن لغة مهاترات المؤتمرات الصحفية! ألا تحتاج هذه المؤتمرات إلى إسكات أصوات النشاز فيها التي لا تقنع طفلا؟ فضلا عن الكر والفر والاحتراب والتهجير والإعدامات وحروب الوكالة؟! ما نشاهده من فتن كقطع الليل المظلمة تضعنا نحن أبناء هذا الوطن أمام مسؤوليتنا لكي نرفع من جاهزيتنا وحذرنا ووعينا ونرص الصفوف بحزم وقوة خلف قيادتنا ومؤسساتنا الأمنية للتصدي للفتن التي تنتقل حولنا بسرعة كالنار في الهشيم، فلا نقبل الأصوات الناعقة والآراء الفاسدة التي لا تحب لهذا الوطن استقراره وأمنه، وعلينا أن نسخر إعلامنا وأقلامنا وأنفسنا لإسكات فحيح الأفاعي وفضح مؤامراتها ودسائسها، وكل من تسول له نفسه العبث باستقرار وطننا.
والأردنيون كلهم وبلا استثناء مطالبون بالوحدة الوطنية والتماسك والانتماء الحقيقي لتراب هذا الوطن ومؤسساته وقيادته الهاشمية للحفاظ على مكتسبات الوطن ومنجزاته وتفويت الفرصة على ضعاف النفوس، ولنكن جميعاً يداً واحده في وجه أصحاب الأجندة المريضة ومثيري الفتن ومخططي التهجير ،ولنعمل بإخلاص وصدق لمصلحة الأردن وشعبه وحريته وديمقراطيته.