facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حقائق ناضجة شكليًا


د. نضال سالم النوافعة
15-07-2021 07:20 PM

"المال دِيْنٌ عالميٌ مصغّرٌ، مارك مانسون"

العالم بطبيعته في كل الأزمنة يدورُ حول مركز واحد، أمّا مكنوناته فما هي إلا مجموعةً منْ النقاط المصطفة باتجاهات عشوائية؛ لكنها في نفس الوقت ترسم شكلًا يظنه العقل البشريَ منتظم, وعلى الرغم مِنْ أنَ المركز الذي نطوف سرادقه لا يتغير بالظروف المحيطة، إلا أنَنا نحنُ مَنْ نتغير, ومفردة (نحنُ), ذات الثلاثة حروف, معقدة بطبيعتها, يكفي أَنْ تخطف نظرةً عميقةً في تلك المساحة المحصورة بين المادة والروح, وكل ما يتأرجح بينهما مِنْ قوىً مسيطرةٍ على فسيولوجيَة البشر الفطريَة، مقيدةً يديها بأغلالٍ حارقةٍ، مكممةً فيها برباط الشهوة الإنسانيّة المقيتة، و(نحنُ) تصرخ نفسها الآن لتمنح مِنْ دمها معاني التجرد مِنْ الذات للوصول إلى كل ما هو مؤقت, كالجري خلف الكماليات في طريقٍ عمادهُ مزعزعة، ومثل هذا الجري الصاخب الناقص غير الحقيقيَ, يحتاج إلى طاقةٍ لاكتساب الهدف, لا يوجد لتلك الطاقة مصدر سوى الضرب بكل أخلاقنا ومعتقداتنا؛ وعمليَة إسكات أي توبيخ يطلقه الضمير الإنسانيَ تتمَ بتكرار قول ميكافيلي: "الغاية تبررُ الوسيلة"، فلا تراجع عن المادة في حضرة الروح, والأفكار, موؤدةً هي الأفكار في ظل المشاعر التي تكسب طابع قالب النشوة المحدودة والفرح الحزين عند الوصول إلى الأهداف المزيفة، فتُنفَقُ الأموال المختزنة والطاقات المسكينة بشكل هستيريَ في سبيل نهايته ليست سراب, أوله وهم وآخره ندم، لدرجة أَنَ العقل الخاضع لا يملك وقتًا ليأبه بكل الإرهاصات المتتالية؛ نتيجة انغماسه غير المبرر فيها، عندها يصبح من السهل السيطرة على الطبيعة الإنسانية الخامة، وتصنيع أي شكل بوساطتها, وبالتالي استعمار مراكز القوى العالمية، بالهيمنة على رأس المال، إنَهُ المحرك الأساسيَ للعالم مِنْ حولنا، فبه تصبح حياتنا مَرِنة، وهو العامل الرئيس لمعادلة هدم الهوّات الأخلاقية بين البشر، للشعور بالإثارة، وتجنب الخوف مِنْ الحقيقة, وللاقتراب مِنْ الراحة المؤقتة وتفادي الشعور بالألم.

يستخدمُ البشر في معاناتهم قاعدة "الطريق المختصر", وهنا يتدخل معياريَ الصبر وصلابة النفس في المقاومة، فالتأرجح بين إيجاد الحل الجذريَ أو استخدام أي فرصة تتيح لنا الاسترخاء حتى لو كانت فرصة عابرة صاحبة عمر قصير؛ يوضح لنا القاعدة المذكورة أعلاه.

ولخلق قيمة سوقيّة يتطلب مِنْ الطاقات المتضعضعة الابتكار والتجديد في تطوير الألم؛ للحصول على الثروة البشعة، فتطوير الألم الدائم لألم مؤقت محتمل أكثر عند البشر، وما الابتكارات الطبية إلا مثالًا بسيطًا على ذلك، فاستبدال ألم وخزة الإبرة المؤقت أفضل من احتمال ألم العجز طيلة العمر، فخلق التسلية والمُلهيات أي " تفادي الألم" كما يصفها مارك مانسون في كتابه (خراب)؛ لمساعدة الناس على تخدير الألم، لتأجيل الشعور به، فكلما شعرنا بألمٍ ما هرعنا إلى تخديره، ومدة التخدير تتناسب طرديًا مع شدة الألم، عندها يبعث العقل الواعي بذبذبات إلى العقل الباطن، فتهيمن تلك الذبذبات الخفية بنفودها الفاصل بين المادة والروح بشكل كامل على حياتنا وإراداتنا، متحكمًا بها رغمًا عنَا، فكلما زاد الإدمان أصبح الألم أشد قوة، والمقاومة أقل تدخلًا, والخضوع فرصة قوية ورائعة لسيطرة دماغنا الذي يشعر على دماغنا الذي يفكر؛ فيسجنه في متاهة غير متناهية في قاع بحر مظلم، وفق قضية التسليم بالشعور تحت حكم إعدام التفكير المؤبد, فيتسربل دماغنا الضياع بحيث لا وجود لأي دليل يمكننا من استرجاعه مرةً أخرى, فتصبح حياتنا قائمة على التسلية والمُلهيات، وعند شعورنا بالظلم والاضطهاد؛ لسلب حياة التسلية منا، تصبح ثورتنا للتحرر، ثورةً مزيفةً لا قيمة لها؛ لأن حياتنا أصبحت أكثر هشاشةً وضعفًا. فالثورة الحقيقية هي ثورتنا على الخروج مِنْ منطقة الراحة، تلك البقعة المعتمة في حياتنا، الثورة الحقيقية تكون في التخلي عن الأشياء التي لا قيمة ولا معنى لها في حياتنا، الثورة الحقيقية إنكار الذات والنرجسية البشرية، الثورة الحقيقية تكون بترميم الإنسان مِنْ كل منغصات الحياة، حينها تفتح لنا آفاق الحرية الحقيقية، السليمة مِنْ كل الشوائب التي ما زالت إلى الآن تشوّه صحتها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :