أحياناً تتوارد الأحداث وتتوالى بطريقة تجعل من المراقب او المتابع في حيرة من أمره، إذا ما حاول تلمس خطاه بين هذا الكم الهائل من مسلسل الأحزان والمآسي التي تأخذ طريقها في واقع الإنسان العربي، وتفرض وجودها على واقعه الذي أقل ما يقال عنه ، بأنه واقع لا يبشر بالخير، وهو اشبه ما يكون بواقع ملوك الطوائف ذات يوم من أيام العرب « النحسة» في الأندلس 1491 ، حينما خرجت أم عبدالله الصغير، أخر ملوك الطوائف، ورأته يتوجد على ماض عظيم إندثر، وواقع عنوانه الذل والمهانة والقتل والتشريد، ومستقبل مجهول وبكل الأحوال لن ولم يكن مشرقاً. قالت له مخاطبة : « إبك مثل النساء ملكاً مضاعا.... لم تحافظ عليه مثل الرجال»...».
عن ماذا يكتب الإنسان العربي الذي ما زال في وجدانه بقايا من الحنين إلى»والله زمن يا سلاحي»، أو بعض من أحلام الوحدة العربية...!!! ، أو ريح من مجد بغداد الذي يبدو أن تلاشيه يمثل آخر سيف من سيوف العرب منذ عهد سيف بن ذي يزن....
هل يخط القلم شيئاً عن الأمل في الذكرى الأربعين لتأسيس صحيفة الرأي الأرنية هذا المنبر الإعلامي القومي ، أم يناجي دمعة سالت في وداع عميد الصحافة الأردنية محمود الكايد ابو عزمي، الذي رحل عنا وصدع لأمر الله عز وجل، وتركنا نكفكف بعضاً من دموع الأسى والحزن على فراقه، في لحظة جاوز فيها الظالمون الصهاينة المدى.
أم يجسد مرارة الأسى والحزن والتيه في الذكرى الثالثة والأربعين للهزيمة الحزيرانية-1967- التي « عرت» الأمة العربية من بقايا أمجادها وتاريخها المشرق. أم يحاول وصف حالة الغضب وثقافة الثأر التي إنتابت العرب والمسلمين، بل والعالم بأسره، نتيجة للحلقة الجديدة من الإمتهان الصهيوني للكرامة العربية والإسلامية، والتنصل من كل ما له صلة بالعقائد الإلهية و القيم والمثل الإنسانية، والشرائع الدولية.
ام عن نخوة رجب طيب أردوغان حفيد محمد الفاتح ، الذي يبدو ان دينه وعقيدته وخلقه، ومعاني التاريخ ونواميس القيم والثقافة المشتركة وحقوق الجيرة مع العرب، ابت عليه إلا ان ينهض لينتصر لتوأمة في الدين والعقيدة، العرب و « يحمل» بعضاَ من حملهم الذي أثقل كاهلهم، ولم يعودوا قادرين على مواجهة واقعهم، والتعامل مع التحديات التي تعترض طريقهم، وتفرض وجودها على واقعهم المرير.
لكن المعيب حقاً في واقع النظام الرسمي العربي، هو عدم مقدرته على التعاطي مع المستجدات والأخطار المحدقة بالأمن القومي العربي، بدءا بالإحتلال الأمريكي للعراق والصهيوني لفلسطين، مروراً بما آل إليه الحال في اليمن والسسودان والصومال، وإنتهاءا بلي ذراع الأمة عن طريق التحكم في منابع نهر النيل، وتشكيل الحكومة « الأمازيقية» الجديدة في « الإليزيه» الباريسي، وكأننا أمام حالة «سايكس-بيكو» جديدة. بالإضافة إلى عدم إدركه، أي النظام الرسمي العربي، لأبعاد وخطورة الأحداث التي تحاصر واقعه من الخارج، او تلك التي تعمل جاهدة على تقويض اركانه من الداخل.
والسؤال الذي أترك الإجابة عليه للعرب، عاربها ومستعربها، هل نحن أما إنتحار بطيء أصابنا في مقتل، وماذا نحن فاعلون أمام تعطل أرادتنا عن مواجهة أعدانا واولهم الصهيانة...
alrfouh@hotmail.com
أ. د. فيصل الرفوع- جامعة ميتشيغان
الرأي