في يوم الثلاثاء 1/6/2021 انتقل الى رحمة الله تعالى صديقي العزيز والأخ الحبيب المحافظ السابق نصرت عوجان (أبو ساطع) لم اكن اعلم أنه نزيل المستشفى لأيام بسبب فيروس كورونا وانه دخل بغيبوبة مدة اكثر من يومين,فكان نبأ وفاته صادماً لي, لم اصدق مع أن الموت حق، قلت انا لله وانا اليه راجعون وخرجت من المنزل وذهبت لاصلاح سيارتي لأمر ضروري وفي تلك الأثناء خطر ببالي عدم وجود تفاصيل عن وقت ومكان الدفن,واذا بي اتصل على هاتف المرحوم وسؤال يراودني ويحيرني من الذي سيجيب؟ تمنيت أن يجيبني نصرت مع يقيني أنه لن يجيب لانه مات وليت يقيني كان سيقيني هول صدمتي ,لم يجب احد على الهاتف وكانت الساعة الرابعة عصراً وفي المساء اتصلت مع ابن عمه زميلي المحامي محمد فوزي عوجان واخيه يزيد فوزي عوجان زملائي في كلية الحقوق لاعلم منهم انه دفن في نفس اليوم في مسقط رأسه مدينة معان بناء على وصيته بعد صلاة العصر وقبيل صلاة المغرب, فأدركت أن وقت اتصالي كان المرحوم نصرت فوق الأرض لا تحتها لكنه لا يستطيع أن يجيب! فنعيته على وكالة عمون الاخبارية مشكورة.

رغم ان فارق العمر بيننا خمس سنوات حيث توفاه الله عن عمر ناهز ( 58 ) الا أنني زاملته في كلية الحقوق سنة 86 وهو من اوائل الاشخاص الذين تعرفت عليهم في الكلية, كنا نتحدث عن معان كثيرا لاسباب منها أن عمي المرحوم هاشم أبو عبود ( أبو همام ) كان محافظا لمعان في مطلع الثمنينات وكنا نتحدث عن رجالات معان اصدقاء والدي المرحوم غالب أبو عبود امثال معالي الاستاذ يوسف العظم ومعالي الاستاذ سليمان عرار والشيخ تركي كريشان على سبيل المثال لا الحصر وعن كثيرين غيرهم.

بعد تخرج نصرت من كلية الحقوق تعين بدائرة الاحوال المدنية في جبل عمان وفي سنة 1994 رزقني الله بابني سليمان فذهبت لعمل شهادة ميلاد له واذا بنصرت يستقبلني ويدخلني الى مكتبه وانا اشرب القهوة وما كدت انتهي واذا به يحضر لي شهادة ميلاد كانت في حينه تكتب بخط اليد لكنها مخطوطة بخط جميل ليس عادياً وتبين انه اعطاها لزميل له يجيد الخط العربي بأنواعه. شكرته وخرجت لاكتشف لاحقاً أن نصرت قام بدفع رسوم الشهادة من جيبه! لعله كان مبلغاً بسيطاً لكن معناه كبير.

انتقل بعدها لكادر وزارة الداخلية وعمل في بداية خدمته رئيساً لديوان محافظة العاصمة وكان لا يجلس على مكتبه بل ينهي معاملات المراجعين بنفسه وهم جالسون عنده في مكتبه يشربون الشاي أو القهوة, ثم تدرج كحاكم اداري في جرش والسلط وغيرهما الى أن ترفع الى رتبة محافظ واحيل على التقاعد سنة 2019 وكان ترفيعه واحالته بنفس اليوم.

التقيت به في عزاء المرحوم القاضي سليمان عوجان رئيس محكمة العدل العليا سابقا في قاعة المدينة الرياضية في عمان وجلسنا مطولاً واخبرني أنه يسكن بالسلط بالسكن الوظيفي لوازارة الداخلية وأنه مضطر لتسليم السكن الوظيفي بعد احالته على التقاعد وانه وجد شقة مناسبة (للايجار) في شفا بدران في منطقة قريبة من الجامعة التي تدرس بها ابنته حفظها الله.

نصرت عوجان ابن مدينة معان عاش في السكن الوظيفي لوزارة الداخلية بالسلط رغم انه سكن متواضع , ودرس ابناءه على نفقته الخاصة قال لي لو بقيت بالوظيفة حتى تتخرج ابنتي لكنت في وضع احسن قليلاً.

نصرت عاش رجلاً حراً كريماً عفيفاً شريفاً نزيهاً نظيفاً لم يغيره المنصب ولم يستثمر وظيفته وظل قابضاً على مبادئه كالقابض على الجمر حتى وفاته وكأني استشعر من وصيته بدفنه في معان أن معان هي التي تناسبه لا عمان لأن عيشته في عمان اتعبته واثقلت كاهله.
رحمك الله يا أبا ساطع يا ايها الرجل المعاني الذي عاش ومات متمسكا بالمعاني رحمة واسعة فقد اوجعني رحيلك وتركت في القلب غّصة.