لماذا تكتسب زيارة جلالة الملك الحالية لواشنطن أهمية خاصة؟
عمر الرداد
13-07-2021 04:40 PM
من الواضح ان الزيارة الحالية لجلالة الملك الى واشنطن ولقاءاته المرتقبة مع الدوائر الأمريكية الضيقة لصنع القرار، بدءا من لجان الكونغرس ووصولا الى لقاء القمة المرتقب مع الرئيس بايدن تحظى باهمية استثنائية، في ظل تبدل المعطيات في السياقات الامريكية بعد مغادرة ترامب البيت الابيض، والتحولات الإقليمية ،وعلى المستوى الوطني الاردني.
ولعل القاسم المشترك لكل تلك التحولات ان القيادة الاردنية اليوم بوضع مريح،على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية، رغم الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تشكل عنوانا مرجعيا لغالبية الأزمات الاردنية، بما فيها الناشئة عن كورونا وما قبلها.
ثلاثة عناوين جديدة أسهمت في رسم المشهد الشرق أوسطي الجديد، وعلى ضوئها بدأت القيادة الأردنية بإعادة إنتاج تموضعها في الإقليم ورسم استراتيجتها، والتي يرجح ان تتبلور وتنعكس في نتائج الزيارة الملكية، لاسيما انها القمة الأولى بين جلالة الملك وبايدن، أول تلك العناوين، إغلاق ملف سياسات ترامب وصهره كوشنير، اللذين مارسا ضغوطا على الأردن تتجاوز حدود صفقة القرن، بالتعاون مع حلفاء واشنطن في الاقليم، والثاني غياب نتنياهو وحكومته الذي اتخذ على مدى اكثر عقد مواقف عدائية تجاه الاردن، عنوانها استثناء الاردن من عملية السلام والتضييق عليه في قضايا الحل النهائي،والانقلاب على أسس عملية السلام، فيما اليوم حكومة في اسرائيل تدرك أهمية العلاقة مع الاردن، وان سلاما لن يتحقق بدون الفلسطينيين والاردن، اما العنوان الثالث فهو التحولات في علاقات التحالف في الإقليم وعنوانها انتهاء صيغة الاعتدال والممانعة العربية نسبيا، بعد التغييرات التي شهدت علاقات الدوحة وانقرة مع القاهرة والرياض وابوظبي، لا سيما وان الاردن تمكن من إنتاج صيغة وسيطة لم يكن محسوبا فيها على أي من التيارين بالكامل، وفرت له بعض فرص المناورة مع الخصوم.
يلتقي جلالة الملك مع بايدن ببرنامج اصلاح سياسي داخلي يتوقع ان يسفر عن تغييرات في المشهد السياسي، بما فيه من تشكيل أحزاب على أسس جديدة، وقانون انتخابات لمجلس النواب، اكثر عدالة وتمثيلا للمكونات الاردنية، تعكس التنوع الاجتماعي الذي يقارب الصورة التي هي عليها الولايات المتحدة، بالإضافة لحقيقة استتباب مؤسسة الحكم، بعد إنهاء الفتنة عبر قنوات القضاء، وبالتزامن فإن جلالة الملك يحمل معه مطالب تتعلق بالملف السوري وطرح مقاربة على الإدارة الامريكية تتضمن المساهمة الايجابية في تسوية هذا الملف، وبالحد الأدنى استثناءات للأردن من عقوبات قيصر المفروضة على سوريا، وبالتزامن اتفاق الشام الجديد مع العراق ومصر، الذي يؤمل ان يؤسس لكتلة اقتصادية جديدة ربما تنضم إليها سوريا ولبنان في مرحلة قادمة.
واذا كان البيت الأبيض أصدر بيانا حول لقاء جلالة الملك مع بايدن يؤكد على العلاقة الاستراتيجية بين امريكا والاردن، فالمؤكد ان الطرفين انجزا كثيرا من الملفات قبل هذا اللقاء،فالاردن اليوم مركز القواعد الامريكية في الشرق الاوسط، ورغم ما أثارته هذه القضية من جدالات داخلية إلا انها أكدت الدور المحوري للأردن" لم تكن تلك القواعد مثار جدالات حينما كانت في دول الخليج وخاصة في قطر وتركيا"، فيما المساعدات المالية الأمريكية للأردن بازدياد"أمريكا الدولة الوحيدة التي تقدم مساعدات ثابتة للاقتصاد الاردني، فيما تخضع بقية المساعدات للسياقات السياسية والمساومات وانتزاع المواقف".
ومن المؤكد ان القضية الفلسطينية ستكون احد الملفات البارزة التي ستفتح على طاولة جلالة الملك مع بايدن، وباتجاهات تأخذ بعين الاعتبار ان حكومة اسرائيلية جديدة لديها مقاربة ربما تختلف قليلا عن مقاربات حكومة نتنياهو، وهو ما يعني الاتجاه نحو تهدئة في الضفة الغربية وقطاع غزة واستئناف المفاوضات المباشرة مع القيادة الفلسطينية، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الجديدة التي أفرزتها حرب غزة الاخيرة، والتعاطي بايجابية مع اشارات حماس بامكانية انخراطها في عملية السلام، وهو ما يفتح أفقا لحل الدولتين التي اعلنت ادارة بايدن التزامها به.