خلال السنوات العشر الماضية شهد العالم مجموعة من الانعطافات المهمة والتي غيرت الكثير من المعالم والأنظمة والتحالفات والعديد من أنماط الحياة وعصفت بأعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين في أرجاء العالم.

عقدٌ من السنوات والتي توسعت خلالها مساحة الحرية والمعارضة والتغيير والمغامرة وحتى التطرف في مواجهة مباشرة وتدخل وأعمال عنف وقتل ودمار في العديد من البؤر الساخنة في العالم والمنطقة العربية على وجه الخصوص.

ننظر إلى ما حدث طوال السنوات العشر الماضية من ثورات وحروب وتغييرات اقتصادية واجتماعية وحركات الحلم بالديموقراطية والنضال وتقبل الآخر والمزيد من الحريات الشخصية ولكن ننظر بتدبر أكبر إلى نتائج ما يسمى بالربيع العربي وما خلفه من تداعيات في تونس، مصر، ليبيا، اليمن، سوريا، الجزائر والسودان وتغلغل الإرهاب في العراق وسوريا والضرر الذي لحق بلبنان.

سنوات من التغييرات السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية في محيط واسع من دول الخليج العربي والتحول نحو تعديل العديد من القوانين والسماح ببعض الحريات على المستوى الشخصي والعام.

لعبت «السوشيال ميديا» خلال السنوات العشر الماضية دورا في توفير وتهيئة البيئة الانتقالية من القيود إلى الانتشار وبث الرسائل والمقاطع والأخبار بسرعة فائقة وبدرجة كبيرة من تخطي حواجز الرقابة والقيود الاجتماعية والثقافية والسياسية من قبل وبعد.

الاهتمام بقضايا البيئة والتغيير المناخي والمرأة والعديد من القضايا التفصيلية الأخرى والتي أصبحت قاسماً مشتركاً للأجيال التي تنتمي إلى السنوات العشر الماضية والتي سيكون لها موقع في السنوات القادمة.

أدت السيناريوهات المكثفة لصفقة القرن إلى موجة من التسريبات والانتقادات والمواجهات والرفض المطلق والإدانة الواضحة والصريحة وأدت إلى منعطفات دقيقة للتفاوض والمناورة والرفض والمطالبة.

مهدت السنوات العشر الماضية إلى سنوات سوف تأتي بنتائج ومعطيات جديدة داهمتها جائحة كورونا لتفرض نمطا مختلفا ومميزا للمواجهة والتخطيط والتعامل مع الأزمات والكوارث تماما كما فرضت قوافل الموت والهرب للنجاة مهما كلف الثمن.

سوف تشهد السنوات العشر القادمة المزيد من البحث الرقمي والموازنة بين الهوية الرقمية للمواطن حول العالم وبين قضايا العدل والحرية والمساواة في أنحاء العالم ومنها الشرق الأوسط مع حركات الانسحاب المقررة من قبل أميركا وبريطانيا في المناطق الساخنة ومنها أفغانستان والعراق على سبيل المثال.

التحالفات الجديدة قادمة من خلال الأطراف المعنية بقضايا النزاع في العالم سواء في الشرق أو الغرب والمناورات الاقتصادية والبحث عن الأسواق البديلة والعثور على النتائج المرجوة.

واضح تماماً بأن ثمة تعديلات جوهرية في رسم الحدود والمعالم العالمية المشتركة وفق توازنات ليست جديدة على محور الشرق الأدنى والاوسط وبالمقابل المحور الأوروبي والآسيوي.

السنوات العشر القادمة تحمل في طياتها مشروعاً مطلاً نحو السعي الحثيث لعيش الحياة بعيداً عن جميع المنغصات والأزمات وتفاصيل المعيشة والتي جعلت جائحة كورونا منها تبدو واحدة ومماثلة.

التعليم والصحة والاقتصاد اهتمامات مشتركة في العالم سوف تجعل من الحدود تقرب المسافات من الشعوب التواقة لمشروع الحياة الطبيعي وفتح صفحات من الأمل والرجاء للأجيال القادمة والتي تلصق بها العديد من التهم ومنها الضياع على أقل تقدير.

السنوات العشر القادمة سوف تجمع العديد الحقائق وحصاد السنوات السابقة ولكن دون خوف من خطر المواجهة؛ العالم الرقمي واحد لا غير.

(الرأي)