الرفاعي بين ثقل المسؤولية وإعجاز انجاز الأمانة
السفير الدكتور موفق العجلوني
12-07-2021 01:24 PM
استوقفني مقال للأستاذ محمد التل منشور في عمون الغراء هذا اليوم بعنوان : " الرفاعي و القول الثقيل " . نعم ، اتفق مع الأستاذ التل ان الرئيس الرفاعي أمامه ليس ثقلين كبيرين فحسب ، و انما اثقال و اعباء و مسؤوليات و المهمة صعبة و الأمانة ثقيلة عملاً بقوله تعالى :" إنا عرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ".( الأحزاب 72) . فعلاوة على ثقة جلالة الملك حفظه الله بنتائج عمل اللجنة، هنالك ما ينتظره الشعب للنتائج حتى يحكم عليها وعلى صنعها، و انا متأكد ان دولة الرئيس الرفاعي يعي هذا الامر، واعتقد جازماً انه لا ينام الليل و هو يفكر كيف يكون عند امل جلالة الملك و امل الشعب الأردني .
لا احد يشك الان و بعد خبرة طويلة للرئيس الرفاعي من نجاحات و مطبات شابها فشل و تحديات خارجة عن المألوف، انه قدر هذا الحمل الذي وضعه جلالة الملك في عنقه وخدمة الوطن والدولة والإصلاح والنهوض نحو الآفاق المرجوة، و في عنق اللجنة الملكية والتي كما اشار الأستاذ التل ، في النهاية النجاح والفشل لا قدر الله سيتحمله الرئيس الرفاعي .
و هنا لا بد ان نقف ملياً في التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها الاردن في ضوء تراكمات ثقيلة بحجم الجبال عاشها عن قرب الرئيس الرفاعي تحتاج الى معطيات لا بل معجزات لتخفيف هذا الحمل على الأقل لا ازالته ، و بالتالي لا بد ان نكون واقعيين ،وان لا نحمل الرئيس الرفاعي و اللجنة اكثر من طاقتها و خاصة في ضوء التخبط الذي عشناه على مستوى الحكومة و مستوى القطاع الخاص ، وان معالجة الخلل الحاصل يحتاج الى سنوات . و بالتالي لا يستطيع الرئيس الرفاعي إعطاء وعود خيالية ان الإصلاح السياسي سيتم بين ليلة و ضحاها ، و ها نحن نرى دولاً شقيقة و صديقة لديها إمكانات هائلة لديها خطط عشرية وعشرينية لعمليات الإصلاح السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي .و بالتالي المهمة امام الرئيس الرفاعي ولجنة تحديث المنظومة السياسية في ظروف غاية بالصعوبة، و ما يصعب عمل اللجنة هو فقدان ثقة الناس بأي مبادرة رسمية، لان تاريخ المملكة بهذه المبادرات سواء كانت مبادرات حكومية ام مبادرات تشكيل لجان او مبادرات صادرة عن لجان شكلت لغايات الإصلاح كانت دون أي نتائج ترضى عامة الشعب و على رأسهم الشباب الذين يشكلون الجزء الأكبر من المجتمع الأردني و العازفون عن المشاركة السياسية نتيجة الإحباط و الظلم و المحسوبية و عدم الشفافية وغياب عدالة توزيع الفرص، إضافة إلى الظروف الاقتصادية الضاغطة التي تهدد مستقبلهم وإرادتهم في بناء حياة كريمة لهم و لعائلاتهم .
ومن هنا المهمة صعبة و صعبة و صعبة ، بنفس الوقت غير مستحيلة في حالة كان هنالك توازن بين مخرجات اللجنة وتفهم المجتمع الأردني للواقع الذي نعيشه والذي يحتاج لتظافر جهود الجميع و العمل بروح الفريق الواحد على الجانبين الرسمي والشعبي .
اتفق مع طرح الأستاذ التل ان المهمة ثقيلة ، في وقت حساس ومعقد ويحمل تراكمات كبيرة وكثيرة من أخطاء السنوات السابقة. و لكن ليس امامنا الا التفاؤل.. التفاؤل .. التفاؤل و ان يكون الرئيس الرفاعي عند حسن ظن الجميع حيث اننا ننظر الى مستقبل اردني واعد بتوجيهات وقيادة جلال الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والذي لا تغمض له عين و هو يجوب العالم من اجل الدفاع عن المصالح الأردنية و دعم الاقتصاد الأردني ، و ها هو جلالته قد وضع الأمانة في عنق اللجنة الملكية ، و ها هو على الطرف الاخر من العالم في الولايات المتحدة الأميركية يتابع ليله بنهاره من اجل مستقبل الأردن الواعد بكل المعطيات . و مع عودة جلالة الملك من الولايات المتحدة الأميركية ان شاء الله حاملاً كل بشائر الخير على الصعيد السياسي و الأمني و الاقتصادي، تكون اللجنة الملكية قد اوشكت على الخروج بالنتائج والتوصيات التي وعدت جلالة الملك بإنجازها ضمن الوقت المحدد لاطلاع جلالته عليها و رفعها الى مجلس النواب .
نبتهل الى الله العلي القدير ان يكون النجاح حليف اللجنة وان تتمكن اللجنة من إعادة، إنتاج القوانين الناظمة للحياة السياسية من اجل الدخول في افاق جديدة في العمل السياسي، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية لدى جميع شرائح المجتمع الأردني بحيث يكون المجتمع الأردني مجتمعا متماسكا ثابتا في تطلعاته الى مستقبل واعد، ويتحمل الجميع المسؤولية الوطنية، بحيث تنعكس هذه المخرجات على حياة الأردنيين جميعا على مختلف المستويات إذ أن الإصلاح السياسي هو ركيزة الإصلاح الشامل على مختلف الأصعدة.
و بالتالي على الأردنيين بمختلف شرائحهم و اختلاف مواقفهم و آرائهم أن يقفوا إلى جانب اللجنة الملكية في عملها ضمن التوجيهات الملكية السامية ، لتكون أعمال هذه اللجنة ونتائجها تاريخية تبعث الرضى و الاطمئنان في نفس جلالة الملك على الثقة التي وضعها في الرئيس الرفاعي واللجنة الملكية و تبعث الثقة من جديد لدى الشعب الأردني بان الأردن قادر بهمة و كفاءة و قدرات الأردنيين على تجاوز كافة المحن والعقبات ، و ان الطريق سهل وميسر الآن لنبدأ صفحة جديدة في تاريخ المملكة و نحن على مشارف المئوية الثانية ، بحث ننتقل من الكم الى النوع ، و من الشكوى و التذمر الى الحمد والشكر الامتنان و التفاؤل في المستقبل ، وان الاردن بقيادته الحكيمة و بعزم المخلصين الأردنيين قادر على تجاوز كافة العقبات و قادر على ان يخلق المعجزات ، فقد اثبت الأردن و بقيادته الهاشمية على مر السنين قادر على تجاوز المحن والعقبات رغم شح الإمكانات ، و لكن الأردن قوي عزيز بفضل قيادته واجهزته الامنية وقواته المسلحة وشعبه الأردني العصي على كل الاختراقات والفتن و القادر على اعجازه بإنجاز الأمانة.
حمى الله الأردن