* الفيزياءـ أم العلوم مع الأعتذار من الفلسفة، تتعرض لردود فعل أنفعالية متأثرة برؤية مجموعات من الطلبة في حالة غضب أو بكاء عند خروجهم من قاعات الأمتحان حيث جلس لهذه المادة حوالي (50) خمسْين الف طالب وطالبة وهم من أبنائنا المتفوقين الذين اختاروا المسار العلمي الثانوي.
*ما المشكلة؟
تتلخص المشكلة بشكوى أولئك الطلبة من صعوبة اسئلة الأمتحان: وضيق الوقت المخصص لها.
*ردود الفعل:
اتسعت دائرة ردود الفعل عما حدث لتشمل مدرسين ومتخصصين وقادة الرأي والمجتمع دفاعاً عن الطلبة، ضحايا العقاب الجماعي الذي تمارسه وزارة التربية والتعليم، التي هي مؤسسة المواطنين جميعاً، وذهب الغضب بالبعض إلى المطالبة بالغاء مادة الفيزياء أو أعادة الأمتحان، وكانت قبل ذلك مطالبات بحذف الوحدة الأخيرة من كل مادة بحجة كورونا ليكون المنهاج (ابتراً)!.
*المناقشة:
يتقتضي التعامل مع هذه المشكلة الوقوف عند ما يلي:
-أن وزارة التربية هي مؤسسة كل مواطن أردني، فقد مرّ بها متعلماً أو يتعلم فيها أبناؤه أو أحفاده، وهي التي تحتضن أولئك لمدة أثني عشر عاماً على الأقل، تعليماً وإرشاداً ورعاية... ومن غير العدالة أن توصف بأنها (انتقامية من أبنائها).
-أن لأمتحان (التوجيهي) مكانة ومستوى فنياً تحرص الوزارة على أخراجه بمهنية واحتراف عاليين. ومن خلال الخبرة والمعرفة، فثمة إرشادات تّعطي للجان وضع الاسئلة لكل مادة فتكون وفق ما يسمى (جدول المواصفات) للوحدات التعليمية ووزن كل وحدة، ونسبة الأسئلة منها، وتوضح الأرشادات معايير صياغة الأسئلة، وخلوها من الأخطاء الشكلية والفنية/ المحتوى، وتراعي مستويات الطلبة والفروق الفردية والتوقيت، وعلى سبيل المثال (الافتراضي) فأن الأختبار الجيدد قد يتألف من (50%) من الأسئلة لمستوى الطلبة العاديين؛ (25%) لمستوى الطلبة المتوسط ؛ (15%) لمستوى فوق المتوسط؛ و (10%) للمتفوقين، وهذا من حقهم أن تُعطى لهم هذه الفرصة للتميّز.
وفي تقديري، أن مثل هذا النهج أصبح مألوفاً للجان واضعي الأسئلة الذين تختارهم الوزارة من ذوي الخبرة والتجربة والكفاءة في مجال تخصصهم.
وقد لا يكون من الأنصاف وصف واضعي الأسئلة بالاستجابة لمعاقبه الطلبة أو الانتقام منهم بتوجيه أو بدون توجيه، فاللجنة هي وحدها المسؤولة عن الاسئلة، وتتقيد بالمواصفات التي تضعها، وتقدير مدى ملائمة الوقت للأسئلة، ومدى درجة صعوبة أي سؤال والفئة المستهدفة، وقد يجابنها الصواب أحياناً في تقديرها لصعوبة السؤال والوقت الملائم له.
*تقرير الوزارة:
جاءت خطوة الوزارة ايجابية من حيث:
-إدراكها لخطورة المشكلة وسرعة إظهار المعلومات والحقائق وإعلانها مجتمعياً.
-اعتمادها على متخصصين لتحليل النتائج والمعلومات.
-اقرارها بمواطن الخلل والتزامها بمعالجته لمصلحة الطلبة.
-بينّ التقرير أن نسبة النجاح في المادة لم تقل عن السنوات السابقة، وأن عدداً من الطلبة المتفوقين قد حصلوا على العلامة الكاملة، ولكنها أقل من السنة السابقة، وأن الوقت لم يكن كافياً كما أن ثمة اسئلة توصف بالصعوبة، وإن ذلك سيعالج بموضوعية ووفق معادلات القياس والتقويم المعروفة للمتخصصين، وهي مهمة لجنة الأمتحانات العامة.
*ملاحظات عامة:
-لم أجد تفسيراً تربوياً للمطالبة بألغاء الفيرياء، فذلك أمر ضارٌ بل ومهين لطلبتنا. واتذكر عندما اعتمدت الوزارة الفيزياء مادة اختيارية من بين حزمة العلوم أنْ تقدّم للمادة عدد محدود جداً، كما واجه الخريجيون مشكلة القبول الجامعي في الخارج، وبشكل خاص في مصر والباكستان لعدم تقديمهم مادة الفيزياء وباتصالات شخصية تم قبولهم استثنائياً لذلك العام ففي مصر كان وزير التعليم العالي الصديق مفيد شهاب، وفي الباكستان كان رئيس مجلس الشعب الصديق رجا ظفر الحق.
-وقد يختلف معي كثيرون، مع احترامي لهم جميعاً، لكنني أرى المشكلة (تربوية وفنية وتخصصية) وأن الوزارة مدعوة لمعالجتها على هذه المعطيات، ووفق ما ورد في تقريرها من التزامات ونوايا حسنة تجاه ابنائنا وبناتنا الطلبة.
الدستور