عرفته منذ سنوات عديدة وفي كل مرة ألتقيه أشعر أن رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي متحفز دائمًا لتقديم كل ما لديه من خبرات للمشاركة الفاعلة في خدمة الوطن والدولة والإصلاح والنهوض نحو الآفاق المرجوة، خصوصا أنه من مدرسة سياسية عريقة وعميقة تعرف كيف تكون الخدمة العامة مكرسة للمصلحة العامة. والحقيقة أن الرجل، إبان رئاسته للحكومة لم يأخذ حقه في تقديم ما لديه من برامج وخطط للنهوض بالأوضاع الوطنية قياسا ببعض الحكومات الأخرى التي طال عمرها في الدوار الرابع ولم تقدم شيئا سوى التنظير وإضاعة الوقت.
الرفاعي اليوم يقود اللجنة الوطنية لتحديث المنظومة السياسية في ظروف غاية في الصعوبة، وفقدان ثقة الناس بأي مبادرة رسمية، لأنهم تعودوا أن هذه المبادرات التي نزلت عليهم في السنوات السابقة كانت دون أي نتائج. كذلك عزوف الشباب – وهم يشكلون الجزء الأكبر من حجم المجتمع الأردني- عن المشاركة السياسية نتيجة الإحباط وغياب عدالة توزيع الفرص، إضافة إلى الظروف الاقتصادية الضاغطة التي تهدد مستقبلهم وإرادتهم في بناء حياة كريمة لهم، وبالتالي تقع على عاتق الرئيس مهمة صعبة وقولا ثقيلا ألقاه عليه الملك، ولكن همته وإصراره على إنجاز المهمة بنجاح تشكل له حافزا قويا لإنجاز التكليف الملكي، وقد ارتبطت اللجنة الملكية باسمه فقط، فالناس لا يتذكرون أسماء أعضائها إلا القليل منهم، وغدا بعد أن تنهي اللجنة أعمالها سينسى الناس معظم الأسماء، ويظل اسم الرئيس وحده في أذهانهم. لذلك، تشكل نتيجة أعمال اللجنة هاجسا كبيرا في عقل الرئيس.
الملك عندما يختار شخصية وطنية للقيام بمهمة وطنية صعبة وحاسمة لا بد أنه قام باختيار وتمحيص دقيقين، ووضع باعتباره قدرات هذه الشخصية، وعوامل القوة وعمق التجربة، وبالتالي أملا ملكيا كبيرا في النجاح.
الرئيس الرفاعي اليوم أمامه ثقلين كبيرين، أولا ثقة الملك بنتائج عمل اللجنة، وقد كان ذلك واضحا من خلال الرسالة الملكية، ثم انتظار الناس للنتائج حتى يحكم عليها وعلى صانعها، وبالتأكيد أن الرئيس يضع هذا الامر نصب عينيه، وهذا واضح في جدية عمله في مطبخ اللجنة.
لا شك أن المهمة ثقيلة في وقت حساس ومعقد ويحمل تراكمات كبيرة وكثيرة من أخطاء السنوات السابقة، ولكن بمعرفتي في الرئيس أكاد أجزم أن الرجل سينجح في مهمته، ويعيد إنتاج القوانين الناظمة للحياة السياسية كما يريدها الجميع للدخول لآفاق جديدة في العمل السياسي، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية لدى جميع شرائح الأردنيين، وخروج العمل السياسي في الأردن من النفق الضيق، وبالتالي يكون المجتمع الأردني مجتمعا متماسكا ثابتا في رؤياه لأن المشاركة الجمعية للناس باتخاذ القرار يحمل الجميع المسؤولية الوطنية في نتائجه.
نثق بنية الرئيس الصادقة في إنجاز المهمة التاريخية التي ستنعكس نتائجها على حياة الأردنيين جميعا على مختلف المستويات؛ إذ أن الإصلاح السياسي هو ركيزة الإصلاح الشامل على مختلف الأصعدة.
على كل القوى السياسية والشعبية أن تقف إلى جانب الرئيس الرفاعي وزملائه في عملهم ضمن التكليف الملكي، لتكون أعمال هذه اللجنة ونتائجها تاريخية ذات فائدة عظمى في عودة القطار الوطني إلى سكته.