هناك اعتقـاد شائع بأن زيادة الإنفاق العام للحكومة ترفـع معدل النمو الاقتصادي. والواقع أن نظرية كينز تتمحور حول هذا المفهوم، فهو يدعو لزيادة الإنفاق العام والسماح بعجز الموازنة في سنوات الركود لأن من شأن ذلك العودة إلى النمو شـريطة تحقيق فائض في سنوات الرواج بحيث يحصل التوازن المطلوب ليس سنوياً بل على مستوى الدورة التجارية أي 7 إلى 10 سنوات.
الإنفاق العام يمكن أن يرفع معدل النمـو إذا لم يكـن ممولاً من قروض محلية أو ضرائب إضافية لأنه في هذه الحالة يضخ في الأسواق بقدر ما يسحب منها.
تجربة اليونان تثبت أن التوسع في الإنفاق والسماح بعجز الموازنة لدرجة 5ر13% من الناتج المحلي الإجمالي أنتج نمواً سالباً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4% كما تشير تقديرات 2010.
حزمة الإنقاذ المشروطة ببرنامج تصحيح قاسٍ لا تعني عودة اليونان إلى المسار الصحيح بسرعة، فعشرات المليارات التي تتلقاها ديون تستوجب التسديد مع الفوائد، مما يشكل عبئاً ثقيلاً على المستقبل.
البرنامج الموضوع للاقتصاد اليوناني لا يأمل بالعودة إلى حالة التوازن النسبي بسرعة لمجرد رش المال بسخاء، فعجز الموازنة المسموح به في سنة 2010 بموجب برنامج التصحيح يصل الى 8% من الناتج المحلي الإجمالي ومديونية في حدود 3ر133% من الناتج المحلي، يرافقها نمو سالب في الاقتصاد الوطني بنسبة 4%.
يلفت النظر أن البرنامج يسمح باستمرار العجز في الموازنة لسنوات عديدة شريطة أن يتناقص تدريجياً ليعود إلى المستوى الصحي 3% في عام 2014 وعندها تكون المديونية قد ارتفعت ليس فقط بالأرقام المطلقة بل كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي هي 3ر144%.
أزمة اليونان أوضحت أن مقتل أي اقتصاد يكمن في زيادة الإنفاق العام فوق المستوى الذي تسمح به موارد البلد، وأن التمويل بالاقتراض يقود الى الكارثة ويشكل عبئاً سيدفع الشعب ثمنه من مستوى معيشته.
ليس من قبيل الصدفـة أن يتباطأ النمو الاقتصـادي في الأردن في سنة 2009 إلى أقل من 3% بالرغم من ارتفاع الإنفـاق العام لدرجة قياسـية والسماح بارتفاع العجز إلى 5ر1 مليار دينار أو ما يقارب 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
(الرأي)