غادر صديقي (كاسب صفوق الجازي) الحياة بهدوء.. ودون قلق.

في العام (2001) أجريت مقابلة طويلة جدا عن حرب الكرامة مع هذا البطل... ونشرت في العرب اليوم.. وللعلم (كاسب) كَسِبَ دمهم وهم كسبوا الهزيمة...

كان وقتها قائدا للواء (عاليه) وكان حسب ما اذكر (عميدا) وأخبرني عن مواجهته لدبابة اسرائيلية وكيف أنه في لحظة تسلل من الخندق لرؤية الميدان، وضباطه يصرون عليه ان يبقى... وحين خرج فوجىء بفوهة المدفع في دبابة اسرائيلية مسلط عليه تماما... قال لي: تأخر الرامي قليلا وهذا اعطاني فرصة الاحتماء بالساتر، ولكنه سدد القذيفة وتناثرت الشظايا حول جسدي.

(كاسب صفوق) قاد لواء عالية بكل اقتدار وعاش المعركة من اول دبابة عبرت وحتى اخر دبابة هربت...

كنت ألمحه على باب (مجلس الاعيان) بعباءته البدوية الجميلة وبمحياه النبيل... وكانت السمرةُ التي استلقت على وجهه تصنع في قلبك الرضا.. وكنا نتمتم اشياء عن الوطن والحياة والحب... وقد نثر لي من الاسرار ما لم ينثره أي عسكري اردني... ولان قلم الكاتب في لحظة يكون حصارا عليه... حفظت تلك الاسرار ولم انثرها على الورق... هو صاحب فلسفة نادرة... في الحياة فقد كان حديثه عن زمن البارود والمعركة.

كان قائد منطقة عمان العسكرية ايضا في احداث تلت الكرامة...

على كل حال... صرخت كثيرا واخبرت اناسا كثر عن (كاسب) قلت لهم لا تتركوه وشأنه بل فرغوا ما في ذهنه من مشاهدات لرجل كان قائدا في الميدان... ولكن احدا لم يسمعني، وأتمنى على اصدقائي في (العرب اليوم) أن يعيدوا نشر المقابلة التي أجريتها معه...

رحمك الله يا صديقي... لم نعد انا وانت نلتقي على باب مجلس الأعيان... ولم نعد نزور منزلك العامر الفوّاح برائحة القهوة في الشميساني... ولكني هذا الصباح وددت أن أكتب كلمتي تلك في حقّ رجل وفيّ وشهم وفارس ونبيلْ... وفي وجهه طهرُ وصلابة العسكرية الأردنية الفذّة.

... رحمك الله صديقي...

hadimajali@hotmail.com

(الرأي)