الضرورات الموجبة لإعلام تربوي نشط وفاعل
فيصل تايه
08-07-2021 01:11 PM
كم نحن بحاجة ماسة لنقف عند إعلامنا التربوي الذي يحمل رسالة هادفة ، ليكون إعلاما موجهاً يخاطب الفئات العريضة من مجتمع التربية والتعليم وكل المتداخلين بالعملية التعليمية بكل أركانها ، قادة وإداريين ومعلمين وطلاب وأولياء أمور ، خاصة في هذه الظروف ، فالدفع باتجاه ذلك يوصلنا إلى أعلى أشكال الحوار والكلام والخطابة وحضور العقل ، لنصل إلى روح جديدة في إعلام التربية والتعليم من خلال الكثير من الوسائل المتاحة حالياً على قلتها ، والتي نأمل أن تتاح بالمستقبل .
تحدثنا كثيراً عن ضرورة بناء علاقات إيجابية مع مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بما فيها الصحف الالكترونية ، او التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ، وقلنا اننا بحاجة ماسة إلى مرجعية إعلامية قوية ، بالاستعانة بوزارة الدولة لشؤون الاعلام ، من أجل المساعدة في إيصال رسالتنا التربوية المرجوة ، والتواصل مع مختلف شرائح المجتمعات التعلمية ، فما زلنا نفتقر إلى أدوات ومنابر اعلامية تربوية خاصة ، نديرها نحن ، وكم نوّهنا منذ سنوات الى ضرورة استثمارنا بوسائل الإعلام من أجل تحقيق أهداف التربية في ضوء السياستين التعليمية والإعلامية للأردن ، ذلك هو الواقع الذي من المأمل أن تبني الدولة الأردنية مفهوم الإعلام التربوي علية ، بل يجب أن يأتي ذلك في سياق مجمل التحديات ذاتها التي تواجهها الدولة وزارة التربية والتعليم معاً للولوج إلى عصر العولمة ، خاصة ونحن نعيش قرن التحدي والمهارات ، القرن الواحد والعشرين ، وقلنا مراراً "مذكرين" ان العملية الإعلامية في بعض جوانبها هي عملية تربوية ، وكذلك فأن العملية التربوية في بعض جوانبها هي عملية إعلامية ، لإن التربية عملية تأثير وتفاعل وتوجيه الأفراد نحو النمو بشكل يتماشى مع الخط الذي ارتضته الدولة بمكوناتها لنفسها بهدف المحافظة على القيم والمبادئ التي ندين بها ونعمل على تثبيتها ، مع المحافظة على ثقافة المجتمع وشخصيته من أن تذوب في الثقافات المستوردة في محاولة لإيجاد حلول للمشكلات التي تواجهنا بمعطيات العصر الحديث وعلى ضوء الأصالة الموروثة .
يحب أن نعي تماماً أن الإعلام التربوي لا يمكن أن يكون مسؤولية وزارة التربية والتعليم وحدها ، بل هي مسؤولية الدولة باكملها كما وأنه مسؤولية مجتمعية ، بالرغم من ان الإعلام التربوي احد ركائز واستراتيجيات العمل لوزارة التربية والتعليم والتي تسعى ليكون أكثر حيوية لما يمثله ، لكننا بحاجة لإعادة صياغة كل الأفكار الساعية إلى إيجاد إعلام تربوي فاعل وفق رؤى عصرية ، وذلك بطرح الأفكار العميقة التي تخاطب كل الشرائح ، لإننا كتربويين نوقن أن مجال الإعلام التربوي مجال رحب وجيد لاستخدام المعلومات وتوظيفها في تبادل الخبرات والمهارات مع مختلف شرائح مجتمع التربية والتعليم ، ليحقق من خلال ذلك حراكاً تفاعلياً وحيوية نشطة ، ما يتطلب إيجاد قنوات اتصال فعالة غير تقليدية مع مختلف أطياف المجتمع التربوي الأردني ، ولا يتوقف هذا على الإعلام المكتوب ، بل من الضرورة مساعدة وزارة التربية والتعليم في بناء علاقات وطيدة بالإعلام المرئي والمسموع والالكتروني الذي سيكون أكثر جذباً وفاعلية .
من هنا ووفق هذه الرؤى ، فلا بد ان تساعد الدولة وزارة التربية والتعليم ، هذه المؤسسة الوطنية السيادية في بناء القنوات والقدرات الإعلامية التربوية التي يجب أن تكون قادرة على تحقيق أهدافها إعلامياً وتربوياً ، بكل همة ومسؤولية ، فهذه رسالة نخاطب من خلالها الجميع لتصل بكل شفافية ، لهذا فإنني أجد أن الظروف مواتيه ومهيأة لبحث ملفات الإعلام التربوي مع كافة الأطراف ذات العلاقة وكما يقولون : إذا هَـبَّتْ رياحُك فاغتنمْها ، خاصة في هذه الفترة التي نحتاج فيها إلى تكوين إعلام تربوي نشط وفاعل ومتخصص ، فالحاجة تتطلب بناء إطار استراتيجي مستمد من الأهداف العليا التي وضعتها الدولة ، ليكون قادرا على تلبية الطموح فعلياً ، ومن أجل ذلك نحتاج إلى إيجاد وتطوير مجموعة من الكوادر التربوية الإعلامية المتخصصة في الإعلام التربوي ، وصولاً إلى إعلام يعبّر عن احتياجاتنا الحقيقية ، بعيداً على إعلام العلاقات العامة ، وذلك بدعم كل التوجهات القائمة على ذلك ، ما يحتاج بالضرورة الدعم الجاد وبالتعاون مع المؤسسات التعليمية والإعلامية والاجتماعية والجهات ذات الصلة خاصة معهد الإعلام الأردني ، ولنبدأ بالعاملين في الإعلام التربوي في المركز والمديريات الذين يحتاجون على الدوام الى تعزيزهم بكوادر خبيرة ، اضافة إلى تحديث قدراتهم واستمرارية تأهيلهم وتدريبهم تلبية لواقع عملهم ، وما تتطلبه منهم حتمية التواصل مع كافة أركان مجتمعنا التربوي ، فلا نريد منهم مجرد مهارات صحفية وإعلامية تتمثل في كيفية صياغة أو صناعة الخبر ، بل ويجب حتماً أن يكون دورهم دور إعلامي تربوي خالص ، ولتكون مرجعيتهم مبنية على شبكة من الاتصالات الإعلامية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمركز الوزارة ، وأقسام العلاقات العامة والإعلام التي يجب إعادة هيكلتها وتأهيلها في مديريات التربية في العاصمة والمحافظات ، لنكون أكثر ملامسة لواقعنا التربوي وأكثر صلة بالميدان .
اننا نحتاج الى إعلام تربوي قوي يعرف كيف يدافع عن قرارات وزارة التربية والتعليم ضد من يحاولون ايقاعها في ارباك متعمد ، أو الذين يحاولون مشاغلتها عن اولوياتها ، اضافة اننا نحتاج الى إعلام ميدان ، بيرز نشاط المعلمين ويكون قريباً منهم ، ويوثق ابداعتاهم ويثني عليهم ويعززهم وينقل وجهات نظرهم ، وأن نبتعد عن إعلام الأشخاص المرتبط بابراز نشاطات مدراء التربية أو مسؤولي التربية ، وتسليط الضوء عليهم شخصياً من مختلف مواقعهم ، بل كل ما نتمناه بالفعل إعلاماً تربوياً يكون معينا للمسؤولين والمعلمين وللآباء والأمهات ، وكل من ارتبط ويرتبط بالعملية التعليمية في تقريب وجهات النظر ، إعلاماً معني بتأصيل القيم النبيلة ، وكذلك إعلاماً تربوياً يعايش ظروف مجتمعه الزمانية والمكانية ، بل يجب أن يؤكد المهمات الحقيقية للمجتمع مركزاً على المفاهيم الحقيقية للتعليم ، مع القضاء على المفهوم الذي يربط التعليم بالوظيفة .
بقي ان اقول اننا نحتاج أن نخاطب أبناءنا الطلبة بلغتهم ونعزز بهم ثقافة الحوار وتقبل الآخر ، والفهم الواضح لمنطق الحياة المعاصرة مع الحرص على ترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال وتأكيد قيم التسامح ، بشكل يسهم في تنمية مجمعنا الأردني وتطوره ، فنحن كتربويين بحاجة ماسة إلى أن نكرس ونعمق مفاهيم القيم الإنسانية ومفاهيم الحرية الحقة عند جميع مكونات مجتمعنا ، مع ضرورة تبني منظومة القيم الفضيلة .
نسأل الله عزّ وجل أن يوفقنا لما فيه الخير رفعة لمؤسستنا التربوية العتيدة _ وزارة التربية والتعليم _
مع تحياتي