جاءني ابني البالغ من العمر خمس سنوات وهو في المرحلة التمهيدية لدخول المدرسة وقال لي لطالما طلبت من ميار ان تصبح صديقتي لكنها في كل مرة كانت ترفض وتقول لي ( انا بنت وانت ولد ) استوقفتني هذة الجملة حدا شل تفكيري ميار في هذا العمر من المؤكد انها لا تعي اصلا ما الفرق بين الولد والبنت ، من الذي اقنع ميار ان طفلا صغيرا عندما يلعب معها يشكل خطرا عليها ، وهل ممكن ان ينظر اليها على انها بنت ام انه يراها طفلة يحاول اللعب معها ، ومن زرع الخوف في قلب طفلة لتقاوم كل حاجتها للاعب مع ولد لأنه ذكر.
عندما تكبر ميار سوف تخاف من التعامل مع جيرانها لانهم اولاد ومع طلاب جامعتها لانهم اولاد وحتى في عملها سيكون اكبر همها الحذر من الرجال وفي نهاية المطاف سوف تتزوج الطفلة ميار التي عاشت كل حياتها تتجنب الاولاد لتعيش بقية حياتها مع رجل ليس لديها اي فكرة عن طريقة التعامل معه فالتعامل مع الاب والاخ والعم والخال مختلف كل الاختلاف ، وتعيش ميار حياة بائسة ملئ بالمشاكل والهموم والنزعات المتتالية على جميع مراحل حياتها يتخللها زيارات إلى والدتها الكريمة التي كانت هي الدافع الاول والاهم في اقناعها بعدم اللعب مع ابني ناهيك عن الزوج الحزين الذي تزوج بنت الحسب والنسب ذات الجمال والاخلاق لكنه لا يستطيع التفاهم معها على شيء ليبحث عن انثى تفهمه وتحتويه وتشعر فيه.
المثاليات في مجتمعنا مزورة ومزيفة . نعيش في اطار الاخلاق والدين والعادات والتقاليد وخلف هذا الاطار نفوس مريضة واحلام محطمة غير قادرة على الانجاز لأنها مشوشة ما بين ما يحصل داخل الاطار وخارجه .
انا لست مع الحرية المطلقة ولا الاباحية في كل مناهج الحياة ومع الضوابط الاخلاقية بأسلوب حضاري يتقبل الاخر والوعي ولكن لست مع والدة ميار ابدا في اقناعها بعدم اللعب مع ابني في مرحلة التمهيدي لأنه ولد بل وأنها تتجنب الجلوس بجانبه او حتى النظر اليه وكانه مخلوق فضائي شرير.