"شح المياه" .. المسؤولية مشتركة
لما جمال العبسه
08-07-2021 12:02 AM
الاردن واحد من اكثر دول العالم معاناة من شح المياه، وهذا امر ليس بمستغرب او جديد فنحن ضمن قائمة الدول الثلاث الافقر مائيا، وعاما بعد الاخر تتفاقم هذه المشكلة والمفارقة انها تقريبا لنفس الاسباب، فعلى مستوى الاستهلاك لا يزال الفرد غير مكترث بالامر ومبدأ "ترشيد الاستهلاك" في ذيل قائمة اهتمامته ان لم يكن خارجها، ومن جانب اخر تتكرر الوعود بمحاولة معالجة هذه المعضلة دون وجود دلائل توضح ان هناك امرا ما تحسن على هذا الصعيد.
خلال فصلي الشتاء والخريف للعام الحالي كانت هناك تحذيرات رسمية من ان معدلات هطول الامطار لموسم 2021 ضئيلة، وإن الواقع المائي سيكون حرجا هذا الصيف، بعد ان سجلت كميات الامطار نسبا متواضعة لم تتجاوز 60 % مما هو معتاد، عدا عن توقعات بعودة ابناءنا في الخارج وزيادة عدد الزائرين للمملكة في ظل تخفيف اجراءات ازمة فيروس كورونا مما يزيد الطلب على المياه، بالمقابل لم يُصاحب هذه التحذيرات اي اجراءات عملية تخفف من وطأة "ندرة المياه في المملكة" وتقلل من نسب الهدر المائي.
عندما كانت الارصاد الجوية تُنبؤنا بتراجع معدلات الهطول وكميات مياه الامطار وامكانية حدوث مشكلة خلال صيف العام الحالي، تجاهل المستهلك ان يعي ما يحدث، وان يدرك معنى قلة الهطول المطري وان ترشيد استخدامه اليومي للمياه امر غاية في الاهمية فهو جزء من هذه المشكلة، اما فيما يتعلق بالقطاع الزراعي فلا يزال يعتقد اننا نمتلك فائضا مائيا، ولم يجهد نفسه في البحث عن الحلول التكنولوجية الموفرة للمياه.
وعلى الطرف الاخر، بقينا نشهد امتلاء الحفر وفيض الشوارع والازقة الصغيرة بمياه الامطار، ذلك لان البنية التحتية للكثير من الشوارع سيئة، والمؤكد ان الجزء الاكبر منها لا يحوي مصارف لمياه الامطار تضمن الاستفادة منها، اما فيما يتعلق بالسدود المائية في مختلف مناطق المملكة، فهي لا زلت تعاني من ضعف بنيوي فيها، وتحتاج الكثير لاعادة تأهيلها كي تكون سندا حقيقا لمثل هذه الظروف المائية السيئة التي يمر بها الاردن، عدا عن انها تحوي مياها غير صالحة لاغراض الاستخدام البشري او لري المزروعات، ما يعني ان لا جدوى منها على الاطلاق سوى انها احيانا كثيرة سببا حقيقيا للموت، كما حدث قبل ايام في فاجعة سد الكرامة.
الابقاء على الوضع كما هو قائم وعدم محاولة اصلاحه وعدم الاكتراث بفاقد الهطول المطري شتاء بعد الاخر، من الاسباب الرئيسية التي ستجعل من مشكلة ندرة المياه صعبة الحل، فما ينزل من السماء لا يجد امامه الا التربة او التبخر فيما يتم الاستفادة من اقل القليل عبر قنوات لملئ السدود المحلية.
مرارا وتكرارا نلفت نظر المسؤولين عن ملفات المياه والتخطيط والمالية بضرورة الشروع بتنفيذ مشاريع بنية تحتية تتناسب مع ظروفنا المائية الصعبة، عدا عن اهمية ايلاء اعادة هيكلة السدود القائمة وبناء اخرى لتخزين كميات اكبر من المياه التي يغنينا الله بها عن فقر المياه او احتياج اي من الدول الاخرى لامدادنا بعصب الحياة.
المشكلة تزداد خطورة عاما بعد الاخر، والابقاء على الاعتراف بوجودها دون النظر في آليات لحلها، سيشقى البشر والشجر ولن تكون سبل الخروج منها مستقبلا بالهينة.
(الدستور)