facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رسالة لطلبة العلم الشرعي .. في زمن الفوضى والإزدواجية


محمود يوسف ابوعرقوب
06-07-2021 02:39 PM

لأَننا في زمنٍ ساسهُ أفرادٌ وجماعاتٌ فَصلوا الدين عن السياسة وفي بعض الأحيان محاولةِ فصلهِ عن الحياةِ، استعانوا بذلك ببعض علماءِ الدين ِ والشرعيةِ لتحقيق مصالحهم وتبرير تصرفاتهم وسلوكياتهم في شؤون الحياة العامة الداخلية والقضايا الخارجية من خلال طرقٍ متعددةٍ وأساليبَ ممنهجة ، فقيدوا أعناقهم بأغلالِ المال السياسي والعطايا فأصبحوا تابعين لسياساتهم فبذلك شروهم بثمنٍ بخسٍ دارهمَ معددوة ٍ وكانوا بهم من الزاهدين فمتى من انقضت هذه المنفعة والمصلحة باعوهم في سوق النخاسةِ ، إذاً تلك الفئة من العلماء باعوا دينهم بدنياهم وأضاعو الأُمة الإِسلامية والمجتمعات المسلمة في وقت ٍ اشتدت الهجمات الشرسة الفكرية والعسكرية والإقتصادية على هذه الأُمة وكان من المفترضِ بهم أَن يكون لهم دور فعَال لاستنهاض الهمم وإحياء الدين في الأُمةِ فينتجُ لنا نهضة حقيقية تحقق الغاية الإلهية في خلافة الإنسان وعمارة الأرض بما يحقق مصالحهم الدينية والدنيوية والآخروية بلا تعدٍ على حقوق أي طرف من الأطراف أو الإخلال بالواجبات الموكولة لأي طرف من الأطراف ؛ فالغاية الدنيوية تتمثل في تحقيق المصالح والمنافع للمجتمعات كحاكمين ومحكومين يضمن الحفاظ على الحقوق والواجبات بدون تعدي أو تجاوز، وكذلك تحقيق العدل والمساواة والحرية المضبوطة المسؤولة ، وأما الغاية الدينية فهي إقامة دين الله في أرضه وتخليص البشرية من عبادة الطاغوت بكل أصنافه وأشكاله وتخليصهم من عبودية المحكوم للحاكم والفقير للغني و الضعيف للقوي وإعادة تنظيم هذه العلاقات برؤية إلآهية .

وهذا النهج بخلاف النهج الغير إسلامي الغربي و الشرقي الذي يؤسس علاقة السلطة الحاكمة بالمحكومين ((الشعب)) من خلال عقد اجتماعي يَتأسسُ على صون الحقوق والواجبات وتطبيق الوسائل التي تضمنُ لجميع الأطراف التقييد بهذا العقد فهو من باب المصلحة والمنفعة المجردة الدنيوية فقط.

ونعود لما يعنينا كمجتمعات عربية إسلامية ، فهذه العلاقة بين السلطة الحاكة والمحكومين تأسست من خلال عقد ٍ ينظمه الدين الإسلامي((عقيدة وشريعة وأخلاق)) ؛ فيحدد لكل طرف من الأطراف الأُسس الأساسية التي تضمن استقرار واستدامة وديمومية هذه العلاقة .

إِن التاريخَ الإسلاميَ الممتدُ منذ عصر النبوة حتى يومنا الحاضر يحدثنا عن تلك العلاقة بإسهابٍ وتفصيلٍ ولعلنا نجمل هذه العلاقة بنقطتين مهمتين هما : العلاقة في بداية العصور بين الحاكم والمحكوم أنها كانت سليمة وفق المنهج الإسلامي الرباني ، والثانية أن العلاقة خضعت لبعض الأهواء وتأثرت بزينة الحياة فزلَت قدم السلطة الحاكمة عن المنهج السليم ؛ مما أدى لنوع من التخبطات والإضرابات في الأمة الإسلامية فكان لها الأثر البالغ ، وما حال الأمة الإسلامية والعربية حالياً إلا امتداداً لتلك الآثار .
في وقتنا الحالي فإن هذا التخبط والإضطراب في علاقة السلطة الحاكمة بالمحكومين وصلت لطريق مسدود واقعياً وفكرياً َفقَدَ المحكومين الثقة بالسلطة الحاكمة ، ومع ذلك تستمر المسيرة في التبرير لهذا الحال،ومهما طال حالُ الإستقرار الهش فلابد من كسر هذه الحالة إذا ما استمر النهج الحالي عما هو عليه.

وقبل الخوض في هذه التبريرات والنظريات التي قادتها فلابد من بيان حقيقة العلاقة بين السلطة الحاكمة والمحكومين والدين الإسلامي ؛ فالدين الإسلامي (( عقيدة وشريعة )) نظم العلاقة بين السلطة الحاكمة والمحكومين فالعقيدة ربطت مولاة وطاعة المحكومين لتلك السلطة الحاكمة ما دامت تطيع الله تعالى ورسوله طاعة كاملة غير مجزأة . والشريعة ممثلة بالفقه الإسلامي وأصوله وأدلته التي أدارت هذه العلاقة من خلال بيان الأسس والمبادئ والشروط الموجبة لهذه العلاقة وطرق تولي تلك السلطة وكيفيتها وصون الحقوق والواجبات....والحقيقة فما تقدمة الدول العالمية الغربية من نماذج لإختيار السلطة الحاكمة لا يخرج من الأُطر الإسلامية في جوهرها ومُجملها المتمثل في الشورى وإن اختلفت المسميات ؛ وذلك لأن حاجة المجتمعات لتنظيم أعمالهم تحتاج لمن ينظم ويضمن سير العمل بدون خلل أو أضطراب هي حاجة فطرية إنسانية يتوافقُ الدين الإسلامي معها .

إن هذه العلاقة إذا تعرضت للخلل والإضطراب نتيجة لكسر الرابطة العقيدية بين السلطة الحاكمة وبين الله تعالى ورسوله ستؤدي لا محالة لإضطراب الحكم وبالتالي البحث عن حاكم أو مجموعة حاكمة جديدة تلتزم بهذا العقد الإلهي .

ونتجة لتقادم الزمان وتباعد الناس عن الدين فقد وصل للسلطة من لا يلتزم بهذا العقد الإلهي الملزم لهم بشكل ٍكاملٍ بل هو منقوص الإلتزام ، هذا النقصان أو نقض هذه العقد كان لابد من فكر ما من خلال التشريع الإسلامي للتغطية عليه فأدى لفكرة موضوعية يتم من خلالها الحفاظ على سلطتهم عن طريق فتاوى وأراء فقهية سياسية بررت لهم تصرفاتهم وسلوكياتهم في شؤون الحياة العامة الداخلية والقضايا الخارجية .

إِنَ هذا التبريرات للحالة الراهنة مؤسسةٌ على تصور بعض علماء الدين الذين أصدروا فتاوى سياسية موجة للرأي الداخلي (( المحكومين )) من خلال النظريات والمبادئ الأصيلة في الدين الإسلامي.

؟ وما هي المبادئ الأصولية والفقهية التي اعتمد عليها بعضهم ؟ وما تلك التبريرات
كيف تعاقدت السلطة الحاكمة مع بعض العلماء من أجل تسويغ وتقديم التبريرات للمحكومين ؟
قبل الخوض في غمار هذه الفقرات التالية نبين أن السلطة الحاكمة تشمل المصطلحات والمسميات التالية وهي ولي الأمر و الحاكم والملك والسلطان والخليفة وأمير المؤمنين والإمام وغيرها من المصطلحات والمسميات التي تدخل على تولي فرد ما أو جماعة ما مسؤولية إدارة الأُمة أو المنطقة أو البلد ........

تكلمنا سابقاً أن الدين الإسلامي هو الذي يربط وينظم ويدير هذه العلاقة بين السلطة الحاكمة والمحكومين، ولطبيعة أهمية العلماء المسملين في العصور المختلفة فقد كانت لهم علاقة وطيدة سليمة بين السلطة والعلماء لحاجة الناس لبيان أمور دينهم حيث كان الحاكم هو الإمام وهو القائد العسكري وفي بعض الأحيان القاضي ومع توسع الدول الإسلامية فقد ظهرت الحاجة لمن ينوب عنه من خلال رجال تابعين للسلطة المركزية ونتيجة لتباعد السلطة الحاكمة في تطبيق الدين الإسلامي شيئا فشيئا وتجاوزات في الحقوق و الواجبات ونتجة للمؤامرات الداخلية والتنازع على السلطة ظهرت الحاجة لاستمالة بعض رجال الدين لتبرير سلطتهم بغض النظر عن مدى توافقهم مع الدين ومع المحكومين .

وللتعريض هنا قليلا فمهما وصلت له السلطة الحاكمة قديماً من حال يرثى له، إلا أنها كانت مستقلة وقوية ومتبوعة وليست تابعة ولديها قدرة هائلة على تحقيق مصالح البلاد والعباد على فترات متباينة من التاريخ الإسلامي الطويل على عكس حال الأمة الحالي الذي فقدنا فيه أسباب القوة والنهضة .
ومن ثم اعتمدت السلطة الحاكمة على من يبرر لهم تلك التصرفات والسلوكيات من خلال طرق عديدة منها طريقيتن لا أجد غيرهما :

الأولى : استمالة واستغلال بعض رجال الدين والشرعية بتقديم المال والعطايا والإمتيازات وتقريبهم من السلطة وصنع القرار، وقد يكون كذلك من خلال عقد مبطن فيه مصلحة ومنفعة الطرفين فتقرب السلطة أحد أتباع المذاهب الفقهية أو المنظرين له لكي تتبنى الدولة مذهبه وبالمقابل اصدار فتاوى تتوافق مع طروحات السلطة الحاكمة ، ومن ثم أصبحت هذه الطريقة فعّالة وأساسية . أو عرض بعض رجال الدين أنفسهم كمنظرين للسلطة باستغلال الفقه والدين من أجل القروبات والعطايا والمناصب أو افساد الأمة وتدميرها داخلياً وخارجيا .ً

الثانية : تقييد السلطة الحاكمة لبعض رجال الدين والشريعة من خلال التوظيف الرسمي ؛ وتلك الوظائف مقترنة بسياسات السلطة الحاكمة فإذا تجاوز الموظف حدوده وخالف سياسات السلطة فقد يخسر منصبه أو يفقد الامتيازات فخُرِجَ لنا جيلاً يعبدُ الوظيفية ويسعى للمحافظة عليها حتي لو تطلب الأمر السكوت عن الباطل أو تكلم بما يملى عليه بُكرةً وعشياً .

في حقيقية الأمر فكلا الطريقتين ستوصل لنفس النتائج المتوقعة وهي التبريرات للتصرفات والسلوكيات المخالفة لشرع الله تعالى .حيث أن تلك التبريرات تفسر لنا حقيقة العلاقة الوطيدة والعميقة والمتجذرة بين الدين الإسلامي والسلطة الحاكمة والمحكومين وحقيقة بعض علماء الدين الذين تبنوا هذه التبريرات للسلطة الحاكمة .

تعرضنا سابقاً لمنهجية الدول الغربية والشرقية الغير مسلمة في عرض العلاقة بين السلطة الحاكمة والمحكومين من خلال المصالح والمنافع الدنيوية من خلال فصل الدين عن السياسية بل عن الحياة كاملة ، ونحن هنا بخلافهم نحاول إبقاء العلاقة بين السلطة الحاكمة والمحكومين مرتبطة بالدين الإسلامي ولكن بتصحيح المسار لتلك العلاقة .

والمحيرُ في السلطة الحاكمة للدول العربية والإسلامي محاولتها فصل الدين عن الحياة أو عَلمنتها اتباعاً للدول الغربية والشرقية الغير مسلمة وفي نفس الوقت يحاولون البقاء في السلطة من خلال التبريرات الدينية عن طريق بعض علمائهم التابعين لهم وفكرياً وسياسياً ... وهذا التناقض يدخلها في اضطراب العلاقة بينهم وبين المحكومين ، لذلك فمن الواجب على طلبة العلم الشرعي والعلماء المخلصين الصادقين الحقيقين إعادة بوصلة العلاقة بين السلطة الحاكمة والمحكومين لمسارها الطبيعي الحقيقي الفعلي .

حتى هذه اللحظة تكلمنا عن علاقة السلطة الحاكمة بالمحكومين من خلال وساطة بعض رجال الدين والشريعة وكيفية وصولهم واستغلالهم لبعض رجال الدين بتقديم فتاوى وأراء فقهية سياسية لهم ، أنتجت تبريرات كان لها نتائج وآثار سلبية ، وهنا في تلك الفقرات التالية نبين مصادر وأصول هذه التبريرات ومن ثم نبين ما هي التبريرات المُساقةُ للمحكومين

يرى الكاتب هنا أن علماء الدين والشريعة التابعين للسلطة الحاكمة برروا تصرفاتهم وسلوكياتهم من خلال مبادئ وأصول عظيمة وأصيلة وصافة وكان من أهمها (( مبدأ طاعة ولي الأمر )) الذي ذُكر في القرآن الكريم والسنة النبوية - وللقارئ الحرية في البحث عنها وهنا المقام لا يسمح بذكر هذه الأدلة فهي تحتاج لبحث طويل ومساحة كبيرة لا تتوفر هنا بهذا المقال المقتضب . -

إن هذا المبدأ العظيم قد حُرِفَ وفُسِرَ بطريقة تحاول الإلتفاف على تجازوات السلطة الحاكمة وتبرر لهم مواقفهم من الحياة العامة والسياسات الداخلية والخارجية ونجد هذه الأدلة موضحة بشكل مفصل في كتب السياسة الشرعية والاحكام السلطانية وغيرها من كتب الفقه ........

نتجة لحرف هذا المبدأ العظيم والأصيل من خلال عرض الأسباب والعلل الموجبة لطاعة ولي الأمر كما ساقها بعضهم وتبنتها فيما بعد السلطات الحاكمة ورجال الدين وهي أَن طاعة السلطة الحاكمة واجبة حتى لو حدثت تجاوزات في تطبيق الشريعة الإسلامية أو التعدي على حقوق العامة والخاصة ووضع اليد على مقدرات البلاد والعباد ... وكل هذه التبريرات خوفاً من الوقوع في الفتنة القاتلة التي تدمر الأمة الإسلامية وتعرضها أمنها للخطر الخارجي .....

إننا نرى أن هذه التصورات قد تكون سليمة لو كان حال الأمة الإسلامية قوياً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً كمان كان حالها في العصور الإسلامية السابقة القوية ، ولكن هذه التبريرات لا قيمة لها حالياً في ظل التشرذم والتخلف والتبعية للغرب وسيطرة الغرب والشرق على مقدرات البلاد سيطرة حقيقة وفعلية وفي ظل الفساد الداخلي الذي نعيشه ......

لقد استغلت السلطات الحاكمة هذه التبريرات أفضل الإستغلال في ظل وجود التباعد الديني والنشوز والنفور منه ؛ مما أفرز نتائج سلبية أدت لتراجع الأمة الإسلامي وخاصة المجتمعات العربية تراجعاً فكرياً ودينياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً فقد ظهر الفساد بكل نواحي الحياة اليومية فظهرت البارات والخمارات وشرعت قوانين وشرائع وضعية غربية تخالف معتقداتنا وهويتنا الدينية وشريعتنا الغرة وتوقف العمل بحدود الله فزادت جرائم القتل والعرض وزادت السرقات والنهب لمقدرات البلاد ومنعت الحريات بدرجات متفاوته فقتل القلم وكممت الأفواه وهضمت حقوق الأفراد وأعادت الناس لنوع جديد من العبودية للسلطة الحاكمة - بعدما جاء الإسلام لتحرير الناس من عبودية الأسياد - ، وبيعت المقدرات والخيرات وبررت المعاهدات والإتفاقيات التي لم تكن يوما في صالح الأمة الإسلامية وخاصة العربية فأمست في مؤخرة الحضارات .... كل هذه النتائج السلبية كانت تحصيل حاصل لما قُدِمَ من أراء فقهية وسياسية من بعض علماء الدين على مدى قرون طويلة للسلطة الحاكمة .فكانت النتيجة المأساوية هي عنصرة فئة لمصالح السلطة الحاكمة وتهيجم ضد من ينادي بالإصلاح فبدل أن يغلقوا باب من أبواب سد الذرائع في الحقيقة قاموا بفتح باب لذريعة التعدي والتجني والظلم والجور وإضاعة حقوق الخاصة والعامة وما يحدث في كثير من الدول العربية عندما تصدم مطالب المصلحين مع تعنت المواليين للسلطة الحاكمة المنتفعين منها هو نتيجة حتمية للتجني وتجاوز حقيقة ما جاء به الإسلام . فكيف نقبل على أنفسها أن الدول الغربية تطبيق النموذج الإسلامي في السلطة الحاكمة ونحن أهل الإسلام لا نطبقه ؟!

ونحن نتأمل في جيل جديد يعيد للأمة هويتها وحقيقتها والغاية التي وجدت من أجلها ولذلك ننادي طلبة العلم الشرعي ومن تبقى من علماء الأمة الإسلامية الحقيقيين المخلصين غير المأجورين والمسيسين بأن يقدموا حلولاً جذرية لتصحيح مسار هذه الأمة . وعلى ذلك فأرى أن أذكر بعضاً من النقاط التي تعين في إعادة هيكلة النظريات والمبادئ التي قادت الأمة لهذه المهزلة .

أولاً : ينبغي إعادة صياغة مبدأ مصطلح (( طاعة ولي الأمر )) لتصبح (( طاعة الأمة الإسلامية أو المجتمعات العربية لولي أمرها – المنظومة الحاكمة – مقرونة بطاعته لله تعالى ورسوله طاعة كاملة وليست منقوصة أو مجزأة )).

ثانياً : إعادة توضيح وتعريف وبيان الأسس لكل من عناصر الصيغة الحديثة من خلال عرض دراسة مقارنة للصيغة القديمة التي تشير لطاعة ولي الأمر طاعة مطلقة عمياء أو مقيدة نظرياً غير قابلة للتطبيق ومآلاتها على الواقع الحالي ومن ثم عرض تفصيلي للصيغة الحديثة التي تشير بوضوح لعلاقة السلطة الحاكمة بالمحكومين بالمُشرع الحقيقي وهو الله تعالى بطاعتهم له ولرسولهم - صلى الله عليه وسلم – بحيث تكون مقيدة ومضبوطة نظرياً وعملياً قابلة للتطبيق الفعلي .

ثالثاً : هذه المهمة تتطلب جيلاً شرعياً ينهض بهذه الأمة من سباتها وضياعها ، وذلك الجيل لابد أن يكون عارفًا بحقيقتهم كونهم علماء دين مجددين قدوتهم وفهمهم لحقيقة الدين الإسلامي من خلال فهم الصحابة الكرام وبعض العلماء المجددين وخاصة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم وأبي حامد الغزالي و أحمد بن حنبل وغيرهم الكثيرين في العصر الحديث ....ويتطلب كذلك فهم حقيقي بأن العلماء الحقيقيون هم الذي يخشون الله تعالى حق الخشية وهم نفسهم ورثة الأنبياء قال تعالى (( إنما يخشى الله من عباده العلماء)) وقوله صلى الله عليه وسلم (( العلماء ورثة الانبياء)) فلابد أن يكونوا قدوة للعامة يقودونهم ويوجهونهم نحو تحقيق الغاية الأساسية لوجدهم بتحقيق الخلافة في الأرض بعبادة الله وحده وإخراج الإنسانية من حالة العبودية الحديثة للحرية المضبوطة بما يحقق مصالح الناس كافة (حاكم ومحكوم) دينياً ودنيوياً وأخروياً والسير في التطور المادي والمعنوي الروحي لنكون في مقدمة الأمم والحضارات أمة وسطة لنكون شهداء عليهم نقود البشرية للخير والمنفعة ورفع الجور والظلم ......

هذا الجيل يجب أن يكون أميناً على هذه الرسالة الخالدة ، يضع خشية الله نصب عينيه لا يحيد عن قول الحق ، وهذا في حقيقته يتطلب منهم محاولة الإبتعاد عن الوظائف التي قد تؤدي بهم ليكونوا عوناً للباطل كما نرى في أيامنا الحالية في كثير من البلاد العربية. وأن لا يكونوا أداة طيعةً بيد السلطة الحاكمة من أجل تبرير مواقفهم وتصرفاتهم وسلوكياتهم . فعليهم دارسة العلوم الشرعية من باب خدمة الدين والمجتمع والأمة وليس من أجل الوظيفة - وإن كان لا حرج في ذلك إذا كانت الحال طبيعية ولا يوجد تأثير على عملهم الدعوي الفعّال – .

أخيراً ،إن بناء المجتمع الحديث يتطلب في حقيقته علماء دين حقيقين على علم شرعي وثقافة واسعة وعزيمة وقوة لا ياخذوا من باب سد الذرائع باب لما هو في حقيقته فتح لباب الفتنة ، لا يلينوا عن الحق ولو على قطع رقابهم فهم القدوة ، فذلك اللين يليق بعامة الناس الضعفاء الذين ينظرون للأقوياء عقيدة ً وديناً وعلماً قدوةً لهم .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :