ما وراء تقلبات سعر الفائدة؟
د. فهد الفانك
05-06-2010 04:04 AM
يتحرك سلم الفوائد عادة بالصعود أو الهبوط بشكل شامل، ولكن ما حدث في المدة الأخيرة هو التحرك باتجاهين متعاكسين، ففي الوقت الذي تنخفض فيه أسعار الفائدة على جميع أنواع الودائع، ترتفع على جميع أنواع التسهيلات، مما أسهم في توسيع هامش الفرق بين الفائدة المقبوضة والفائدة المدفوعة.
اتساع هامش الفائدة يؤشر إلى ارتفاع معدل المخاطرة، فكلما كانت هناك مخاطرة أكبر، طالب الدائن بفائدة أعلى ليغطي هذا الخطر. وليس من الضروري أن يكون الخطر حقيقياً، يكفي أن يكون كذلك في نظر البنك.
في آخر تقرير للبنك المركزي أن متوسط سعر الفائدة على الودائع لأجل انخفض إلى 87ر3%، وأن متوسط سعر الفائدة على القروض المصرفية ارتفع إلى 13ر9%، أي أن هامش الفائدة اتسع ليبلغ 26ر5%، وهي نسبة عالية بالمقاييس المحلية، وتعني أن البنوك متخوفة من عمليات الإقراض، فالضمانات العقارية والمالية قد تنخفض قيمتها، والديون المتعثرة في ارتفاع.
الجهة الوحيدة التي لا تأخذ بالمخاطرة في تحديد أسعار الفائدة التي تتعامل بها هي البنك المركزي الذي لا يهدف إلى الربح، بل إلى تحقيق أهداف مرغوب فيها مثل مكافحة التضخم أو تشجيع الاستثمار والنمو.
لا يتوقف سعر الفائدة على نوع العملة فقط حيث يقال مثلاً أن سعر الفائدة على الدينار أعلى من سعر الفائدة على الدولار، بل يتوقف أيضاً على درجة المخاطر لنفس العملة وأبرز الأمثلة الحية على ذلك أن سعر الفائدة على السندات الحكومية المحررة باليورو لمدة 10 سنوات تنخفض إلى 5ر2% سنوياً إذا كانت من إصدار الحكومة الألمانية وترتفع إلى 10% إذا كانت من إصدار الحكومة اليونانية.
هناك ثقة تامة بأن ألمانيا سوف تسدد سنداتها وفوائدها بتاريخ الاستحقاق، ولذلك فإن المستثمر يقنع بفائدة متدنية مقابل الضمان والثقة، وهناك شكوك قوية بان اليونان قد تعجز عن تسديد سنداتها، وربما تطالب بإعادة الجدولة، ولذلك فإن المستثمر لا يشتري تلك السندات إلا إذا أعطته سعر فائدة عاليا يغريه بقبول المخاطرة.
الفائدة تعكس أربعة عوامل، أولها درجة المخاطرة، وثانيها معدل التضخم المتوقع، وثالثها مصاريف الدائن الإدارية والضرائب التي يتحملها، ورابعها الربح المستهدف.
سعر الفائدة على الودائع بالدينار متدن وعلى التسهيلات المصرفية مرتفع والأسباب واضحة.
(الرأي)