تغادر بسيارتك ، الى اربد او معان ، في حالات ، لسبب او اخر ، وتشاهد بأم عينيك عشرات دوريات الامن العام ، منثورة على الطريق.
توقفك الدورية الاولى ، وتسألك عن رخصك ورخصة السيارة ، وهويتك ، ويذهب الشرطي ليدقق عليك امنيا ، ويعود اليك بعد دقائق ليقول لك ان بأمكانك ان تغادر ، وماان تحرك سيارتك وتقطع عدة كيلومترات ، حتى توقفك سيارة دورية ثانية ، وتطلب ذات الامر ، فتقول لهم ان الدورية السابقة دققت امنيا عليك ، فلا يصدقونك ، ويعيدون العملية ، وقد حدثت هذه القصة ذات يوم ، مع احدهم اربع مرات.
لااحد ضد الامن وهيبته وقوته ، لان هيبته وقوته ، تفيدنا ، وماهو مثير حقا ، ان لايتمكن جهاز الامن العام ، من ايجاد وسيلة تثبت التدقيق في المرة الاولى ، كمنح السائق اشعارا او ملصقا ، بحدوث تدقيق قبل ساعة او نصف ساعة ، اذ قد يكون حظ البعض غريبا ، فيتم التدقيق عليه عدة مرات ، في يوم واحد ، والامر ذاته تراه في عمان ، اذ قد توقفك الدورية بعد جسر مستشفى الجامعة ليلا ، وانت ذاهب الى العبدلي ، وتوقفك الدورية التي تقابلها قبيل مستشفى الجامعة ، وانت عائد الى الجبيهة مثلا.
السياح والاجانب الذي يأتون لزيارتنا يستغربون هذا العدد من الدوريات في كل مكان ، وكأن هناك حالة طوارئ ، وقد عددت لوحدي اربع دوريات متتالية في المنطقة من دوار دابوق ، باتجاه الفحيص ، والمسافة لاتتجاوز الخمسة كيلومترات ، مابين التي تقف وتراقب ، ومابين من تطلب من السيارات التوقف ، ولااحد ينكر هنا تعب الشرطة وكدهم في هذا الجو ، والامر ليس انتقاصا منهم ومن دورهم ، وانما يمتد الى السؤال حول دلالات المشهد ، وتوتير الناس ، خصوصا ، ان اغلبنا ليس مطلوبا.
برغم كل هذه الدوريات المتحركة والراجلة والعلنية والمخفية ، فان نسبة المشادات والجرائم في ازدياد ، والمفارقة ان هذه النسب كانت منخفضة جدا ، حين كنا لانرى دورية الا ماندر ، وعلى هذا فان معالجة اي اختلالات في المجتمع ، لاتكون بنثر الدوريات بهذه الطريقة ، لاننا في مجتمع مدني يعيش ظرفا عاديا ، ولعل ايجاد وسائل بديلة على الطريق افضل من هذه الطريقة ، من كاميرات المراقبة ، الى غير ذلك من وسائل.
قصة الدوريات المنثورة على الطريق ، بشكل غزير جدا ، ليست وليدة اليوم ، اذ انها ظاهرة قديمة جديدة ، ولعل من يهمه الامر يتدخل لايجاد صيغة معقولة ومقبولة ، بدلا من هذه الصورة التي تبدأ بالدوريات ، وتمر عبر اعتبار "سائق كل دورية" في الشارع انه سيد الشارع والناس ، فيطلق العنان لمكبر الصوت او بوق سيارة الشرطة لفتح الطريق ، وُيرمق المارين بسياراتهم بنظرات سلطوية ، غير مفهومة ، لاننا نفهم ان من يعمل في الامن العام يعمل فعليا في جهاز خدمة غيرمدني ، لكنه مخصص للجمهور.
احمل هويتك واتبعني...شعار يومي لكثرة منا.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)