تشابك العلاقة بين البنوك و الحكومات
عبد المنعم عاكف الزعبي
04-06-2010 06:41 PM
وصلت علاقة البنوك بالحكومات حدا من التعقيد ان اصبح استمرار بقاء احدها منوطا ببقاء الاخر. تمثل البنوك المحرك الاساسي لعجلة الدول الاقتصادية، فهي التي تمول المشاريع و تساهم بتوزيع الثروة الاقتصادية بما تدفعه لمودعيها من فوائد. لذلك, من الضرورة ان يسبب اي تخلخل في النظام البنكي اثرا سلبيا يصعب تداركه على الاقتصاد ككل. و هذا ببساطة ما دفع الحكومات الراسمالية الى استخدام الاساليب الاشتراكية بتاميم البنوك و انقاذها ابان الازمة المالية الاخيرة.
العلاقة اعقد من ذلك بكثير، فالبنوك عالميا و محليا هي الممول الرئيسي للحكومات، فهي تقرضها بشكل دوري ما يمكنها من تسديد نفقاتها و معالجة عجز موازناتها. فكيف هو الحال و الحكومات تعاني مؤخرا من عجز هائل نتيجة خطط التحفيز الاقتصادي المتمثلة بزيادة الانفاق الارسمالي و التخفيض الضريبي و مساعدة المؤسسات المالية و الصناعية المتضررة. لقد ازدادت مؤخرا و بشكل كبير كمية الاموال التي تقترضها الحكومات من البنوك ما دفع العلاقة بين طرفي المعادلة الى مزيد من التشابك و التعقيد.
فاذا افلست البنوك، افلست الحكومات لعدم توفر من يمول موازناتها و انفاقها. و اذا افلست الحكومات، افلست البنوك لان اكبر قروضها و الممنوحة للحكومات ستضحي متعثرة غير قابلة للسداد.
ليس هذا فحسب، فافلاس البنوك سيعطل عجلة الاقتصاد ما سيكلف الحكومة غاليا من خطط تحفيز و تخفيضات ضريبية و نسب بطالة مرتفعة. كذلك، سيكون لافلاس الحكومات و تعثرها في فترات الركود اثر سلبي على ملاءة الافراد و الشركات ما قد يدفعهم الى التعثر في قروضهم تجاه البنوك. فخطط التقشف التي تفرضها الحكومات عند تعثرها عادة ما تكون على حساب دخول الافراد و ارباح الشركات.
الامثلة الحية على تشابك علاقة البنوك بالحكومات كثيرة. و هذا ما كان وراء الترليون دولار الذي وضعته الحكومات الاوروبية و دافعو ضرائبها لانقاذ اليونان. ففشل حكومة اليونان بسداد ديونها لم يكن ليودي باقتصاد اليونان فحسب، بل ايضا بكثير من البنوك العالمية التي اقرضتها (و تمول حاليا حكومات اخرى). كذلك، يفسر لنا تشابك العلاقة تاخر الحكومات في سن تشريعات قاسية على بنوكها المحلية، فقد يؤثر مثل ذلك سلبا على ربحية و ملاءة البنوك مقللا بالتالي من قدرتها على اقراض الحكومات.
في الوقت ذاته، نرى البنوك المقرضة للدول الاوروبية المتعثرة، متخوفة من خطط محاربة العجز و التقشف المالي التي ستساعد الحكومات على الوفاء بديونها. فمثل هذه الخطط ستضعف قدرة الحكومات على حفز الاقتصاد مقللة بالتالي من قدرة الافراد و الشركات على الوفاء بقروضهم تجاه البنوك و المؤسسات المالية.
تشابك و تعقيد خلقه النظام الراسمالي و العولمة الاقتصادية.