الأول أننا بدأنا نحقق تقدما ملموسا في برنامج التطعيم الوطني، حيث تشير الأرقام إلى أننا نسير بقوة في هذا الشأن، ويبدو اننا سنصل لمرحلة المناعة المجتمعية قريبا من خلال برنامج التطعيم بالإضافة لأعداد المصابين والمتعافين. نسب الإصابة والشفاء والإشغال للمستشفيات، واعداد الذين تلقوا أو سجلوا لتلقي المطعوم، جعلت كثيرا من دول العالم ترفع حظر السفر عن الأردن، وتقبل السفر من الأردن إليها. قبل أسابيع فقط كانت الصورة مقلقة وقاتمة، وكان برنامج التطعيم يعاني من رتابة وبطء، وكانت هناك معاناة شديدة بالحصول على المطاعيم من مصادرها والأسواق العالمية. اليوم الحال تغير وتحقق التقدم المنشود، وقد كان لإشراف مكتب ولي العهد أثر كبير ومباشر بالوصول لهذا النجاح. سمو ولي العهد كان متابعا بشكل مباشر لهذا الشأن الوطني الجلل، وكان ينشر شخصيا على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي أعداد الذي سجلوا وتلقوا اللقاح. الأثر التدخلي لمكتب ولي العهد أحدث التنسيق المطلوب بين المؤسسات، والمتابعة الحثيثة لأعمالها، حتى تحقق الهدف. التنسيق هي كلمة سر نجاح الدولة في مواجهة الازمات، وفي كل مرة نسقنا بشكل جيد حققنا الاهداف وتغلبنا على الازمات، وعندما غاب التنسيق اخفقنا.
النبأ الثاني الجيد اننا انجزنا المراجعة الثانية مع صندوق النقد الدولي، قدم الصندوق بعدها شهادة ممتازة بالتزام الأردن بالإصلاح وتحقيقه للغايات والمؤشرات المطلوبة، وعليه فقد حرر مبالغ كانت مربوطة بإجراء المراجعة الثانية. هذا انجاز كبير تتعاظم قيمته إذا ما نظرنا لما أحدثته كورونا على الاقتصاد، وما يجري بدول حولنا أخفقت في الإصلاح وانهارت ماليتها ونظامها النقدي. توقيت هذا الإنجاز المهم يعطيه بعدا اضافيا استراتيجيا، حيث جلالة الملك في اميركا يحضر منتدى اقتصادي في مدينة صن فالي، وبعدها يلتقي مع قيادات الإدارة الأميركية في واشنطن. جلالة الملك سيشتبك مع الساسة وقادة العالم ومجتمع المانحين، ورجال الاقتصاد والاستثمار، وحصول الأردن على شهادة المراجعة الثانية من صندوق النقد سيكون ذخيرة مهمة بيد الملك لترويج الأردن كدولة ملتزمة بالإصلاح والحديث تباعا عن الفرص الكامنة بالاقتصاد الوطني. أي كان تقييمنا الشعبي لبرامج صندوق النقد، إلا أنها مفصلية لجهة نظرة العالم لنا، الذي يتكئ عليها ليقرر حال الأردن الاقتصادي وبالتالي اتخاذ القرارات المرتبطة بالاستثمار او المساعدات.
ثالثا، إن أنباء مشجعة عن موافقة الحكومة الاسرائيلية الجديدة من حيث المبدأ على بيع الأردن كميات من المياه، لم يتفق بعد على السعر، والتوجه للالتزام بالبيع على مدى سنتين بدل خمس سنوات كما طلب الأردن، ولكن هذا بحد ذاته شيء مشجع لأن أزمتنا المائية خانقة وخياراتنا محدودة جدا. مغادرة نتنياهو أحدثت فرقا، والحكومة الاسرائيلية الجديدة تتعامل ببراغماتية وصدق اكثر من نتنياهو مع الأردن. الأزمة المائية خطيرة وتمس مباشرة الامن الإنساني الذي يمس الاستقرار المجتمعي لا قدر الله، والنجاح بحل هذا المعضلة في فترة الصيف المقبل وما بعده، وإلى حين إنهاء مشروع الناقل الوطني، أمر استراتيجي جلل.
(الغد)