حسب المعلومات المتوفرة بجدية، فإن مرجعية عليا قد تدخلت شخصيا لوقف التدهور الفادح الذي سببه الرئيس السابق للحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بما يتعلق باتفاقية المياه بين الجانب الإسرائيلي والأردن، حيث دخل على خط الأزمة أيضاً الرئيس الأميركي جو بايدن الذي دعم المطلب الأردني والضغط على رئيس الحكومة الاسرائيلية الجديدة بضرورة تزويد الأردن بخمسين مليون متر مكعب من مياه طبريا، والتزام الأردن بتسديد قيمة الثمن المتفق عليه.
يأتي هذا الأمر في ظل تراجع العلاقات السياسية بين الأردن وتل أبيب والتي دفعت رئيس حكومة تل أبيب الى الإتصال بعدد من الزعماء العرب وتقبل التهاني بفوزه بالرئاسة، ورغم ذلك فإن الحفاظ على المصلحة الوطنية وحق الأردن بحصته من المياه في ظل نقص التزويد المائي لهذا العام كان هاجسا يتطلب من رأس الدولة التدخل لإعادة الأمور الى نصابها بعد التلكؤ الذي تعمده نتنياهو منذ عام مضى، وكانت ذروته بعد منع الأردن سفر نتنياهو الى الإمارات والتي حرمته من صيد سياسي ثمين.
قصة الأردن مع المياه وشح مواردها ليست جديدة بل هي واحدة من الأثمان التي يدفعها الأردن عادة لمواقفه السياسية أحيانا وأحيانا أخرى لسوء إدارة الحكومات في ملفات لها أهمية قصوى توضع على الرف، فتفيض الأودية وتضيع ملايين الأمتار عبر الأودية دون أن يفكر أحد ببناء سدود مائية خصوصا في مناطق البادية التي باتت هي الأخرى عطشى رغم أوديتها الطويلة، ولكن يبقى الشق السياسي جزءاً من المشكلة التي يتعامى عنها المسؤولون بترددهم عن فتح قنوات اتصال خلفية مع الأشقاء في دول الجوار، وهذا يجرنا الى الحديث عن الاتصالات مع الجانب السو?ي لإعادة بحث الحصص المائية في سد العرب وزيادة كمياتها.
وفي العودة الى القضايا العالقة مع الجانب الإسرائيلي فإن مسؤولين على المستوى المتوسط يدفعون الوزارة الجديدة لإعادة ترسيم العلاقة مع الأردن بعد أن وصلت الى نفق أضيق مما قد يتصوره البعض، وحتى مع إزاحة نتنياهو عن السلطة الباباوية عبر سنوات طويلة فإن الحكومة الجديدة لا تزال متلكئة في تبريد الجبهة الساخنة، ولعل ذلك يعود الى الظن بأن العلاقة الممتدة الى عديد من دول عربية وإقليمية قد تغني عن الدور الأردني، فالعالمون ببواطن الأوضاع الجيوسياسية يعلمون أن الأردن ما زال هو الرقم الصعب في أي حديث بما يتعلق بالقضايا الإ?رائيلية، ويكفي أن تكون هناك حدود مشتركة مع الضفة الغربية والمناطق الشمالية والجنوبية تزيد على ثلاثمئة وستين كليومترا وهي الأكثر حساسية فيما يتعلق بالأمن المنشود لدى حكومة تل ابيب، وأي إخلال بالإتفاقية مع الأردن ستخسر تل أبيب أكثر من عمان على جميع الصعد.
هنا تبرز الحاجة لدعم المصلحة الأردنية للتفكير في البدائل الفورية، فمشروع الناقل الوطني للمياه من العقبة وهو البديل لقناة البحرين الذي عطلته حكمة نتنياهو وانسحب البنك الدولي عن دعمه سيكون أساساً لاستقلالية القرار الأردني بتوفير مواردنا من المياه، رغم حق الأردن بالمياه من طبريا حسب اتفاقية وادي عربة التي تم التلاعب بها كثيرا من جانب الخصم الإسرائيلي، ما استدعى تركيز الثقل العملاق لإعادة جمع الطرفين على طاولة المياه مجددا وتدفقها عما قريب.
Royal430@hotmail.com
الرأي