ما أعظم هذه الكلمات العظام إن صدرت من قلب سليم ونية صافية نقية. نعم، ما أعظمها وما أعظم أثرها في النفس وقد أقسم الله جل جلاله بها "ونفس وما سواها".
حسبنا "الله" ونعم الوكيل، عبارة تغني قائلها بصدق وقناعة وإيمان، عن سائر خلقه تبارك وتعالى، ففيها توجه عظيم بتفويض الأمر كله إلى الله وحده لا شريك له، وفيها راحة بال وسعادة غامرة حاشا لله جل في علاه أن تعدلها أو تماثلها سعادة قد يغمرك بها بشر في هذا الزمن المر المنفلت من عقاله حيث الدنيا وزينتها يأخذ طوفانها الهادر الناس بعيدا عن مخافة الله وتقواه سبحانه.
حسبنا "الله" خالق الكون بكل ما فيه من عجائب قدرته جل جلاله، وهو معنا حيث كنا في جهرنا وسرنا يسمع ويرى ويمهل ولا يهمل، وهو وحده القادر على كل شيء وليس كمثله شيء وخالق كل شيء، فهنيئا لمن أدرك عظمة رحمة الله وعظمة عذابه سبحانه، وتعسا لمن كفر أو نسي وتناسى أن "الله" بالمرصاد وأن لكل أجل كتاب.
حسبنا الله ونعم الوكيل تغني وبالكلية عن كل ما هو ومن هو سواها، لكن السواد من الناس في هذه الدنيا الزائلة الغرور، تائهون حتى وهم قادرون على التفكير والتفكر بعظمة هذا الكون وعظمة صانعه الذي خلق الحياة والموت ليبلوهم أيهم أحسن عملا.
أسأله تعالى أن يهدينا سواء السبيل وأن يرحمنا ويعفو عنا ويعيد الجانحين منا عن جادة الصواب إلى الطريق القويم حيث الصفاء والنقاء والمودة وحب الخير والتعاون على البر والتقوى لا على الضلال والإستئثار والشر والكراهية وعشق الدنيا والنفاق وسوء الأخلاق.
متى أيقنا أن لا أعظم ولا أكبر في هذا الوجود منه جلت قدرته، ومتى آمنا بأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن لكل منا لقاء حتميا مع لحظة الحساب العظيم ليجني حصاد ما زرع في ساعة لا يدري متى هيه، خشينا الله وغيرنا مسارنا بما يرضيه جل جلاله وفزنا بالجائزة الأعظم.
وإن غفلنا وتناسينا وأهملنا فيا حسرة علينا عند اللقاء الأكبر.
حسبي الله ونعم الوكيل.. هو سبحانه من وراء قصدي.