اكتب رسالتي إلى من يهمه الأمر، إبراء للذمة اكتب لكم عن حلقات مفقودة ، وموجودة في ادراج بعض وزارتنا ومجالسنا ومؤسساتنا ، حلقات تقطع العمل وتسد الافق لأي حل قد يلوح في الافق .
لقد وجه جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه أي مسؤول إلى الجرأة باتخاذ القرار الحق ،دون ان يخشى بالحق لومة لائم ، وأشار إلى الأقلام المرتجفة كيف تقتل الإدارة ومسيرة الإصلاح والتقدم ، وتعيد سطوة اللامبالاة والبيروقراطية في خوفها وترددها ، والله اني لأجد الإصلاح الإداري يجب أن يتقدم إصلاح البناء الاقتصادي والسياسي ، فادارة الذات اولا ومن ثم ادارة المؤسسة والقطاع وصولا الى ادارة شمولية كفؤة ترسم الاحتياجات وتحدد الاهداف وتضعها في اطار التنفيذ الفعلي المحكوم بالزمان وتقييم الاداء .
وقد لا أبوح سرا أن تحدثت في إحباط المسؤول قبل المواطن من إجراءات وقرارات تكاد تغتال الأمل والدافعية للعمل والبناء في ظل التهميش وتغيب الكفاءات احيانا وتكبيلها احيانا أخرى تحت مظلة البيروقراطية وقلة الامكانيات ، أو ربما غياب الأمان الوظيفي ، وهو الأمر الذي يستدعي ترجمة الثورة البيضاء في الإدارة الأردنية سواء أكان على مسار التشريعات الضابطة والأنظمة لمسار السلطة التنفيذية التي تريد خرائط طرق لمختلف القطاعات على أسس مؤسسية لا على أسس الشخصنة التي نتابع في بعض مؤسساتنا .
اعتقد ان الساحة الامامية لأي إصلاح يجب أن يكون بالاصلاح الإداري لينعكس على الخدمات التي يطلبها المواطن ، ولئلا يكون هناك انقطاع في دائرة الإصلاح والتحديث الشامل للمنظومة الاقتصادية والسياسية ، كما لا يزال إيماني مطلق من إيمان جلالة الملك ان الانسان الأردني هو رأس المال الوطني الأغلى والاثمن، رأس المال البشري الذي يبحث عن الفرصة الحقيقية لاطلاق يداه نحو العطاء والبناء والمساهمة في بناء يومه ومستقبله .
ليس لدينا اليوم ترف الوقت لاطلاق خريطة الإصلاح الإداري ، وإنني التمس أن لا تعودوا إلى نقطة الصفر، فالجامعات والمؤسسات التعليمية رافد حقيقي للكفاءات ، وبعض القطاعات لديها القدرة على استيعاب عشرات الالاف من هذه الكفاءات، واعادة استكشاف الفرص في المحافظات والاقاليم برسم ملامح الموءامة بين مخرجات التعليم واحتياجات اسواق العمل ، يكفي خريجين في تخصصات يمضي العقدين و نصف العقد بلا وظيفة او تمكين ، وتعطى القروض والمنح لمشاريع سيولة مالية على الورق او لاشهر ليغرق بعدها صاحبها بالقضايا والمحاكم لغياب دراسات الجدوى الحقيقة ، نبحث في ثنايا القدرات عن الخبرات فنجد اقصاءها بعد النضوج تحت مظلات التقاعد ، ومزاجية قرار هنا وهناك ، او الذهاب بها إلى مقاعد المستشار والادارة غير المنتجة .
نحتاج إلى ترتيب الأولويات ، نحتاج إلى جدول عمل يعيد تقويم الأمور بنصابها الحقيقي، نحتاج إلى القرار القوي الشجاع ، وإذا ما انتجنا جهازا اداريا كفؤا سنكون على أعتاب إصلاح اقتصادي يحفز ويشجع الاستثمار ويخلق واقعا مغايرا يمكن الإنسان الأردني من حياة كريمة تنقله إلى أعتاب المشاركة الفاعلة سياسيا واجتماعيا ، إنسانا قادرا على الاشتباك الفاعل.
(الدستور)