من العبارات الشائعة، "أنت تبلغ من العمر فقط ما تشعر به"، في حقيقة الأمر العمر هو إعادة صياغة تقريبية للمشاعر الرئيسية التي قادت الشخص في طريق الحياة.
أعمارنا قد تشبه وهج الغروب، حين يجمع خيوط الشمس الذهبية ويعلن انتهاء يوم فهي تقودنا ببطء نحو نهاية واحدة حتمية الحدوث.
هل هناك فرق بين العمر الرقمي والمظهر والإحساس، غالبًا ما كنا نسمع عبارة أنا "روحي لم تهرم"، وهي عبارة منطقية المحتوى، فالروح لا تشيب ولا تهرم الجسد هو ما يهرم ويتعب ويكبر ويتغير، لكن العمر قد يتسرب إلى داخلنا دون أن نراه.
في المظهر الجميع يتغير من الخارج قبل الداخل. من داخلنا ما جبلنا عليه من الصعب أن يتغير .
الصادق يعتقد أن الآخرين مثله لان داخله نقي وليس لأنه مغفل، والطيب تعود على ذلك ولا يستطيع أن يكون سوى نفسه الطيبة، والعصبي سيكون قنبلة موقوتة وجاهزة للانفجار في أي لحظة ودون سبب.
هي خصائص بالنفس وطباع ليس من السهل تغيرها لأن الطبع تحت الروح. مهما تغيير العالم من حولك ستبقى نفسك، بكل ما كنت شغوفًا به. بكل قناعاتك.
الصدمات في الحياة تعلمنا رغم قسوتها، عندما تهتز صورة من آمنت ووثقت بهم أمامك. في ثانية ينقلب كل شيء إلى ضده، فجاءة تشعر بالدهشة، والرغبة في الهروب إلى آخر العمر معلنًا كل أسباب الوجع.
في ذلك اليوم ترى بداخلك شغف يغلق ويتلاشى مثل غروب الشمس عندما يذبل ويسقط في عمق البحر.
يحل الليل الأسود ليسلب الروح ويرفعها عاليا لتحلق في عالم الملكوت وتغرق في نوم عميق.
النوم هو الموت الذي نعود منه سالمين. كل ما ولد، سيموت، على وقع موسيقى حسية مملة تقودنا نحو الإهمال، وتمحي كل آثار الفكر الجامح.
في كل مساء يعلن النوم إغلاق بقايا اليوم للأبد. يحتضن النوم الروح في راحة ودون أدنى إحساس بالندم، يغرق الجسد في راحة تشبه رمال متلألئة على بحيرة ساكنة، يصبح الجسد خفيف مثل زورق صغير، غير معروف يقف بهدوء ساكنا على البحيرات الهادئة والأنهار الواسعة.
ذلك الزورق لم يطلب المساعدة من الشراع أو المجداف، لقد تغلب على كل شيء بنفسه، لم يكن يخاف الريح أو المد، ولم يهتم للطقس، فقد أعتاد أن يصنع لنفسه جو خاص به وحده.
في كل صباح عندما تضيء الشمس نورها بجرأة تنشر حب لا نهاية له، والكثير من الفرح، والشغف للحياة. عندها حاول التعاطف مع كل من لا يستطيع العيش بهدوء، وسلام، وكن أكثر استعدادًا لأن تغفر، وتترك الصراعات تذهب بعيدا عنك، أشرق كالشمس وأعرف قيمتك كإنسان، لأن هذا هو الجمال الداخلي الذي لا يهزمه العمر.
a. altaher@youthjo. com