ليس هناك ميزة لجماعة او دولة أو قارة على أخرى فالخالق جل شأنه حبى كل واحدة بموارد وطاقات وقدرات ربما تلتقي في بعضها وتختلف في بعضها الآخر فتجد دولة تميزت بصناعة السيارات واخرى بالطائرات وثالثة بالهواتف الخلوية ورابعة بالزراعة والاسمدة وخامسة بالصناعات الدوائية وهكذا.
ونحن في العالم العربي نتميز بأننا نقف على قارعة الطريق وننظر إلى تلك المشاهد وفي أنفسنا حسرات وويلات ونستجدي القريب والبعيد في مد يد العون والمساعدة ونأكل مما لا نزرع ونستهلك ما لا نصنع ونستورد الأدوات والمعدات والاجهزة حتى ابسطها وكأننا قد اصابنا الشلل واعيتنا الحياة وفقدنا جوهرها واصبحنا أسرى للقوى الدوليه واصبحت تتحكم في مسيرة حياتنا واستهلاكنا ومواقفنا.
وفي نظرة فاحصة ماحصة إلى فلسفة حياتنا نجد أنفسنا نحن من اوصلناها إلى هذا المستوى الهزيل الذي تأباه الكرامة والشهامة والسمعه.
ويقينا ان الارادة تصنع المستحيل وتحيل الصحراء إلى جنات والجدب إلى غلة والتخلف إلى مستقبل مضيء والاوهام إلى واقع حقيقي اذا توفرت النية الصادقة والعزيمة للتطوير والنهوض من الكبوات ومن النوم إلى الحياة ومن الكسل إلى الحيوية.
لماذا تتميز دولة صغيرة مثل سنغافورة او فنلندا او الدنمارك ويرتفع دخل الفرد فيها إلى أضعاف دخل اي فرد في عالمنا العربي في الوقت الذي تكاد تخلو فيه هذه الدول من الموارد الطبيعيه وتضعف مساحتها إلى حدود دنيا ولا تجد فيها عددا هائلا من السكان.
الجواب سهل وهو ان هذه الدول انشغلت سلطاتها بإطلاق قوى التجديد والبناء والتطوير والتنمية من خلال استثمار أبنائها العلماء وهيئت لهم البيئة المناسبة ووضعت الرجل المناسب في المكان المناسب ودعمت كل جهد يخدم هذه الغاية وطورت تشريعاتها ووضعت منظومة أخلاقية راقية للتعامل مع العلم والعلماء.
اما نحن فما زلنا نتحدث في الجاهات والعطوات والزعامة والمشيخة وطريقة اللباس وتقديس صاحب السلطة والنفاق وتوسيد الأمر إلى غير اهله واهملنا العلم والعلماء واقصيناهم عن أماكنهم ولجمنا حرية الرأي والتعبير فاصابنا الوهن والضعف والتخلف واصبحنا نلهث وراء تلك الدول لطلب العون والمساعدة ووقفنا عاجزين عن إمكانية توفير العيش الكريم لابنائنا.
ان الوطن يزخر بالكفاءات العلمية والتقنية وهناك طلاب في الجامعات يتميزون بالتفوق العلمي ولديهم مبادرات واعدة فلماذ لا نتلقفهم ونؤهلهم ونوفر لهم الاحترام والتقدير ونرسلهم إلى الدول المتقدمة ونفتح لهم المخابر ومراكز البحث والتطوير ونرعاهم ونقدم لهم التسهيلات ليكونوا أداة بناء ونهوض ونوفر لهم بيئة جاذبة لا طاردة فيذهبون إلى أمريكا وأوروبا وهناك يلقون الترحيب ويستفاد من علمهم ويساهموا في بناء ونهضة تلك البلدان على الرغم من ان بلادهم أحق بقدراتهم وخبراتهم واسهاماتهم.
اللهم ولي أمورنا خيارنا ولا تولي أمورنا شرارنا واحفظ علينا اوطاننا.