سياحة دينية .. أين المشكلة
المحامي زيد النابلسي
28-06-2021 06:57 PM
قبل خمس سنوات ونصف في 17 كانون ثاني 2016، تفاخر وزير أوقافنا آنذاك على صفحات الجرائد بأنه حَرَم الإقتصاد الأردني الموغل في الكساد من مليارات العوائد عندما قام برفض عرض لزيارة نصف مليون سائح إيراني سنوياً للأردن، في وقت كان وما زال القطاع السياحي في الأردن يشكو من الدمار والانهيار الشامل...
أما اليوم، وبعد زيارة جلالة الملك لأضرحة الصحابة الأجلّاء في المزار الجنوبي في الكرك يوم أمس والصلاة قربها قبيل توجهه لحضور قمة "الشام الجديد" الثلاثية في بغداد، فأتمنى من قلبي أن تشكل هذه الزيارة الملكية ذات الرمزية والدلالة العميقتين بادرة خير وبداية حميدة للتخلص من الهواجس والمخاوف والوساوس والفوبيا غير المبررة في موضوع السياحة الدينية...
إلى جميع المنصفين والمخلصين في هذا البلد، أقول لكم ضعوا جميع انحيازاتكم المسبقة جانباً، واتركوا اصطفافاتكم السياسية وتخندقاتكم الطائفية لدقيقة واحدة، ودعونا ننظر إلى هذا الأمر من زاوية اقتصادية بحتة، فالجنوب الأردني عانى ويعاني لعقودٍ طويلة من الحرمان والعوز وانعدام الفرص والبطالة المزمنة وانسداد الأفق، وللأسف لا يوجد لدى الدولة حلولاً سحرية في المدى القريب أو البعيد لعكس هذا الواقع الكارثي...
فهل يمكنكم أن تتخيلوا مستوى الانتعاش الاقتصادي الفوري الذي يمكن أن يتحقق لو أصبح هذا الجنوب الحزين مزاراً لملايين السياح الذين يجلبون معهم العملة الصعبة والحركة الاقتصادية ويبعثون الحياة في مدنٍ قست عليها سنوات التهميش والإهمال؟
الإيرانيون من جهتهم أعلنوا مراراً وتكراراً أن أي سياحة دينية ستكون على الشروط الأردنية الصارمة وكما نُفصّلها نحن، وأكدوا في كل مناسبة أنه لن يتم المساس بأي حساسية دينية أو الإساءة لأي من الثوابت العقائدية لأهلنا في الجنوب، وهذا أمر لا يطلب أحد من الأردنيين أن يساوموا عليه أو أن يتساهلوا به...
الموضوع هنا يجب أن ننظر إليه من ناحية مصلحة وطنية أردنية بحتة، فاقتصادنا في غرفة الإنعاش وقد دخل مرحلة الخطر، وتدفق الحجاج على مدن وأقاليم الجنوب يمكن له أن يوازي اكتشاف النفط في بلد شحيح الموارد كالأردن ليرد له الروح وينقذه مما لا يحمد عقباه...
فأين هي المشكلة؟
* عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية