غالبا، وليس نادرا، ما تجد خلال تجوالك في أي مدينة أو بلدة أردنية، الكثير من أبواب المحلات والدكاكين المكتوب عليها عبارة: (للبيع لعدم التفرغ) وبعضهم يصعّد في العملية الدرامية ويكتب: (للبيع بسبب السفر). وتتكرر هذه المشاهد لدرجة أنك تعتقد أن نصف الشعب الأردني غير متفرغ، والنصف الاخر يصفّي بأعماله وينوي السفر من غير رجعة (ون وي تيكت).
الغريب أن الكثير من هذه المحلات لم يتم افتتاحها الا قبل اشهر تعد على اصابع اليد الواحدة، وما تزال انت تتذكر شكل الرجل البالون العملاق أمام المحل الجديد وتلك السماعات التي تنطلق منها أغان (تسمى وطنية) وهي تخترق الفضاء بأصواتها المرتفعة، ناهيك عن القهوة السادة ل(مرّاق الطريق) والوربات والببسي للجالسين على الكراسي (أغلبهم أطفال من أقارب صاحب المحل المفتتح)، لا بل أذكر اني شاهدت مثل هذه اللافتة في مدينتي مادبا،وقد كتبها صاحبها على مطعم للفوارغ والكرشات ، كنت متفائلا بإفتتاحه، لكنه كتب لافتة : (للبيع لعدم التفرغ) قبل إنهاء ورشة الديكور في ذلك المطعم.
غالبا وليس نادرا ، ما يكون هذا المحل شبيها بعشرات المحلات المفتتحة في ذات الشارع (بيع موبايلات، نوفوتيه، مطعم شعبي،ملابس ستوك،إكسسوارات..... وخلافه)، وليس هناك أي جدوى اقتصادية من افتتاحه اصلا في هذا المكان، وليس هناك أي ابتكار طبعا.... فقد نفتتح المحلات من قلة الشغل، وغالبا، وليس نادرا، ما تكون التكلفة مستدانة من مؤسسات اقراض شبه حكومية أو من مؤسسات إقراض المشاريع الصغيرة، وغالبا، وليس نادرا، ما يتم التوقف عن دفع الأقساط قبل افتتاح المحل، وتتراكم الفوائد والأقساط.
مع ذلك لا نجد حرجا من كتابة عبارة: (للبيع لعدم التفرغ) على أساس أن لدينا الكثير من المحلات الناجحة التي نديرها، لدرجة انها لا تترك لنا مجالا للتفرغ لهذا المحل العظيم وغالبا وليس نادرا، ما يشتري هذا المحل أشخاص فاضيين أشغال، وبعد أشهر يعلقون ذات اللافتة على المحل وهكذا دواليك... لدرجة صرت أعتقد أن لافتة (للبيع لعدم التفرغ) هي أكثر لافتة مرفوعة في هذا الوطن الجميل.
الدستور