اعادتني الذاكرة إلى قبل يومين حين كنت كتبت مقالة عن الإدارة الرشيدة ومواصفاتها وخصائصها وما ينبغي أن تكون عليه من دقة الأداء وحصافة الإنجاز ولكن الحادثات اليومية وما يواجهه المواطن من عثرات وعوائق في دوائر الدولة دفعني إلى الكتابة عن الإدارة العقيمة.
قدر لي صباح هذا اليوم ان ارجع إحدى مديريات وزارة عتيدة في معاملة سهلة ويسيرة وبعد أن امضيت ساعات من النهار في حركة مكوكية لانجاز المعاملة بين هذا الموظف وذاك وبين دائرة واخرى قال لي الموظف ان معاملتك جاهزة للتوقيع ولكن مساعد المدير مجاز وهو صاحب التوقيع ولا ينوب عنه أحد وعندها صعدت إلى مكتب المدير ولكن الحاجب أخبرني ان المدير في اجتماع خارج الوزاره ولن يعود اليوم فقفلت راجعا من حيث أتيت وفي نفسي شىء من خيبة الأمل والغضب وقررت ان اروح عن نفسي بتفريغ مشاعري بمقالة عن الإدارة العقيمة.
نحن نعيش في القرن الواحد والعشرين وفي عصر السرعة وتوفر التقنيات والمساعدات ومرونة الإدارة وحداثتها وتفويض الصلاحيات وعدم احتكارها.
الوظيفة وإجراءات الوظيفة ليست ملكا للموظف ولا حكرا عليه وإنما هي للمسمى الوظيفي وتخضع لتسلسل هرمي فيه إحلال فإذا غاب موظف لسبب ما قلا يعني تعطيل المعاملة لحين عودته من غيابه وإنما يؤول امر توقيعها إلى من يحدده النظام التلقائي ومن يليه في التسلسل الوظيفي او من يعلوه وينبغي ان لا تبقى المعاملة رهينة لجسم موظف معين وإنما ينبغي أن تنجز فالاشخاص يذهبون وتبقى الوظيفة ويبقى مسماها وعجلة الحياة تدور بسلاسة.
والسؤال الذي يطرح نفسه ماذ لو رقد موظف على سرير الشفاء لاسابيع او او اخذ اجازة لأيام طويلة فهل تبقى المعاملات معطلة لحين عودته ام انها ينبغي أن تنجز وفق آلية محددة سلفا لمثل هذه الحالات. الا تعلم تلك الإدارة العقيمه ان هناك قيمة للوقت وان هناك إدارة للوقت وان المواطن هذا يمكن أن يكون موظفا في دائرة أخرى وان غيابه عن عمله لساعات طويلة لينجز معاملة قد يعطل مواطنين اخرين بانتظاره.
الادارة العقيمة منتشرة واصحابها غافلون او متغافلون عن رداءتها وعقمها ولعلهم لا يقرأون واذا قرأوا يغمضون أعينهم عن الحقيقة ويصمون اذانهم وكأن الوظيفة ملك لهم وان المراجعين عبيدا لهم.