تجاهُل السياق التاريخي والتعامل معه على انه شعور مثالي لا يُعتبر إخفاقا بل تجميدا لمسيرة الحاضر ويجعل الحقائق التاريخية متغيرة وخاضعة للمكان والزمان، فالبناء هو التجديد ومواكبة التطورات بعيدا عن خوض معارك الحاضر بالماضي وتجاور بين القديم والجديد وليس التأويل او التلون.
فصل التاريخ يعني فقدان الدلالة الكلية فنحن نتفق أن الاحتلال يعني غياب الاستقلال والطغيان يعني غياب الحرية وسلبية الشعوب تعني غياب نشاطها والتخلف يعني غياب التقدم والتجزئة تعني غياب الوحدة والتغريب يعني غياب الهوية فالوطن هو سقفنا الذي نعيش بظله وعزنا هو تاريخنا فلا يعني التطور او الحداثة هو اسقاط التاريخ بل يعني ان نستند على التاريخ في مسيرتنا.
تقدمنا ونجاحنا مرتبطون بارادتنا بأن تكون ارادة شاملة تتحرك وفق القوانين ومنظومة فكرية موضوعية وواقعية، وتصورات بمثابة التوجهات الفكرية وليس المفارقة والتفرقة بعيدا عن الذات الشخصية بل فكر يحاكي الواقع لنملك الدافع للتقدم ورفض الاستسلام وما يولده بالنفس على الاتيان بالمستحيلات وبهذا ايضا سيكون لدينا معارضة بناءة تمتلك الخطط الواقعية وليس سرد القصص والاقاويل والتناحر وإثبات نفسها بتقزيم الآخر بل تُثبت نفسها بما تملك من الخطط الفضلى وقد تمتلك قلب الشعوب وليس انتباههم لفترة وجيزة.
إن تعريف العلم هو الفهم الانساني المرتبط بالزمان والمكان وليس صفة مٌشخصة مرتبطة بشخص الانسان وظروفه فهو الجهد الواضح لتعزيز التقدم والمشاركة في التطور والتجديد وليس قلادة للتجمل او التباهي ولا ينفصل العلم عن العلم الديني الذي يعكس وينعكس علينا بمستوى البيئة والتطور العلمي والعقلي للعصر او لرواد الفكر الديني مما يجعل الفكر والثقافة والابداع الادبي معززي في تعزيز الخطاب الديني وليس تورطا في الخطاب الديني او العكس و بهذا قد نبتعد في الوقوع عن الكثير من المغالطات والتناقضات النابعة من الشخص وليس تاريخيا أو حتى فكريا.
ان التقارب بين الحاضر والماضي ليس عيباً بل هو الاخذ يتحليلات وتصورات ومسيرة الأجداد وإضافة معطيات العصر مُستقاة من التجربة لخوض تحديات الحاضر والخطو نحو المستقبل باستقرار أكبر وفهم أوسع للوعي الحياتي والاخلاقي والديني لامتلاك القدرة على تطويرالنفس بوعي جديد وصياغة منظومة حياتية جديدة لتكون أقرب لما يسمى في الحياة « مركزية الحياة» وليس بما يسمى عابر سبيل أو مرور الكرام في الحياة.
حمى الله الاردن
(الدستور)