فيروس اغتيال الوطن .. الوباء والدواء
فيصل تايه
22-06-2021 11:58 AM
ليس فايروس كورونا وحده من يجلب الداء والوباء، بل هناك اوبئة مستديمة ومتأصلة في شخصيات بعض القمئة نفوسهم، مليئة بفيروسات الفساد والتخريب والفتنة بل ووصلت حد الجائحة وأكثر، فتلك الشخصيات تحاول التسلل الى مجتمعنا والتأثير عليه من خلال زرع وباء فيروسي خطير في نفوس وعقول ابناء الوطن الواحد، ما يلزم التعاطي الفوري مع لقاح فعال، ضد كل هذه الفيروسات التي تسبب الأمراض الخبيثة الخطيرة، بحيث نكون جميعاً أفراداً وجماعات أحزاباً ومنظمات وشخصيات سياسية واجتماعية جسم هذا الوطن، فإذا ما أردنا أن يظل هذا الجسم صحيحاً وقوياً ومعافى في كل أجزائه ومكوناته من كل هذه النوائب، يتوجب علينا المحافظة عليه، بمكافحة واستئصال أية خلايا ميتة أو فاسدة تسعى إلى تدميره، وتحصينه ضد كل تلك الفيروسات اللعينة، ذلك بلقاح فعّال للتماسك وحب الوطن والولاء والانتماء لترابه وقيادته، هذا اللقاح مستمد من عقيدتنا، أنتجته ووفرته لنا أسس وتعاليم ديننا، وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية ومبادئنا الوطنية والتي ورثناها كابراً عن كابر، واباً عن جد، على مر العصور.
المطلوب منا جميعا نحن أبناء هذا النسيج الواحد المتماسك بالارادة الصلبة القوية والعزيمة الفولاذية، خاصة في هذه الفترة وضمن هذه الظروف ، الوقوف صفاً واحداً والتصدي لكل هذه الفيروسات التي تستهدف الوطن، وخاصة الفيروسات الأخطر والأكثر شيوعا وتداولا وتناولاً في يومياتنا، والمسبوقة بمادة دعائية قوية حيكت بخبث ولؤم وحقد، تسوّق بقوة لتراجيديا جاذبة ومشوقة تسحر المشاهد ليعيش الدور والاحداث الافتراضية بكل تفاصيلها المروية والمدوية، حينما تستخدم قصص ورويات وسيناريوهات ملفقة لبعض من رموز البلد ورجالاتها دون تحقق او يقين، في ظاهرة خطيرة تسعى لقتل الروح المعنوية لدى المواطن وتحطيم ما تبقى في نفسه من عزيمة وثقة وولاء، خاصة في زمن كورونا، وفي اتهام متعمد لاحباط ابناء الشعب الواحد، ولايقاع الدولة في ارباك مقصود، خاصة باستخدام أدوات اغتيال الشخصية حيث باتت هذه الظاهرة "سلاح المفلس" بالاسلوب الهجومي المغرض المتاح وغير المتاح والذي أعدّ إعدادا جيدا من اجل الصاق التهمة جزافاً والقيام بالمهمة خير قيام ، فقد لاحظنا بالفترة الأخيرة قيام البعض المشكوك بولائه للوطن وخاصة ممن يسمون أنفسهم بالمعارضة الخارجية ، للقيام بهذه المهمة ، من أجل أن يجدوا لأنفسهم موطئ مضلل ، وسط الكثير من السلبيات المجتمعية والتي من السهل فيها بث الدعايات المغرضة وقتل سلوك الأشخاص واستخدامها كأحد الأسلحة الرئيسية في الصراع من أجل البروز وفي اللعبة السياسة الداخلية في محاوله من البعض لتبييض صفحة أشخاص وتلميعهم على حساب حرق صفحات غرمائهم بشكل مهين "ليخلو الميدان لحميدان" ، عبر مفرقعات إعلامية بوسائل التواصل المتاحة وخاصة الالكترونية منها ، لتضليل الرأي العام وخلق أزمات مفتعلة ، بالايحاء أن لا سبيل إلى التغير إلا عبر تاريخ هؤلاء بعيدا عن أي مبرر ذرائعي ، ودون الأخذ بالتحولات الإقليمية والدولية بفعل جائحة عالمية اكلت الاخضر واليابس ، والتي فرضت واقعا جديدا يحتاج الى تكاتف كل الجهود الوطنية من اجل اعاده النهوض الاجتماعي والاقتصادي ، والاستمرار بنهج ديمقراطي ملؤه الصراحة والشفافية بعيدا عن تلفيق الأكاذيب المضللة التي لا تهدف إلا لإشعال نار الفتنة بين أبناء الوطن الواحد ..
ان ظاهرة استهداف الأشخاص ونشر المعلومات المغلوطة ، هي تعد صارخ على الحياة الشخصية وعلى الأعراف والقوانين ، إضافة الى ان تسريب المعلومات والوثائق الرسمية للدولة أمر مرفوض ومناف للأخلاق ولن يسمح به ، ما يستدعي اتخاذ الإجراءات القانونية وملاحقة مروجي الاشاعات الهدامة التي تستهدف رجالات البلد ورموزها ، لذلك فان الجهة الرسمية الوحيدة المخولة باصدار الاحكام والتحقق من المعلومات هي هيئة النزاهة وممافحة الفساد ، فمن يمتلك البينات والمعلومات والدلائل القاطعة فليترجل ويقدمها للجهات المسؤولة ليتم محاسبة كل فاسد حاول العبث بامننا الإجتماعي والاقتصادي ، اما ما يحاول استخدام اجناداتة المتلونة فلا بد من تطبيق التشريعات الجزائية التي تعاقب بوضوح تلك الأفعال ، ولا بد من تفعيل الإجراءات لتحاسب من يقوم بحملات تشويه سمعة المسؤولين والوزارات والدوائر الرسمية واستهداف الاشخاص ، ومحاسبة من يشيع ويروج للشائعات بأنواعها والتصدي للمحرضين على الكراهية بصورها وأشكالها كافة ، بل ويجب أن نسعى إلى ايجاد وثيقة أخلاقية وفكرية مهمة لتنظيم العلاقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة المختلفة ، فمن حق المجتمع ان يعيش حياة كريمة آمنة مصان بها حرية التعبير ، لكن للاسف فهناك فئة "قزمة" من المجتمع تقوم على استخدام ادواتها المحرضة من اجل اغتيال شخصية الافراد ، وتسعى بهذا الاستخدام الضار ، وهي ما تسمى إعلاميا بـ"الأقلية الصارخة"، فهم يحاولون قيادة الرأي العام، والتأثير فيه، وبناء أجندة مشوهة ومشبوهة ضد الاردن والاردنيين .
نعم ، علينا أن نلتفت الى ما يحاك بنا ، والانتباه جيدا الى ضرورة ايجاد استراتيجية عمل وطني ، وحاجتنا الى التوسع في إدخال مفاهيم التعامل الرشيد في مؤسسات ووسائل الدولة المختلفة باستخدام منصات التواصل الاجتماعي ، والدعوة إلى ميثاق وطني صريح يجد حداً للشائعات وملاحقتها وتعريه مروجيها ، والتي مضمونها التدليس المستمر على الأشخاص ، ذلك أن الكثيرين ممن يلبسون عباءة الوطنية المزيفة يستهويهم تلوين الوقائع وتحريفها في محاوله منهم انتهاج خط التشنيع الواضح باشاعاتهم وشغفهم الغريب ، والواقع إن بعض الكتاب وللأسف لا يجشمهم الكثير من العبء في تبني دلائل وقرائن مزيفة لما أوردوه في ادعاءاتهم ، فالبعض غرق في مستنقع الجهالة وحب البروز عبر "خطة مكتومة ملؤها الحقد والكراهية" للفتك بنا وبانجازاتنا دون البحث عن حقائق الأشياء في مكامنها ودون استيعاب أي نوع من العبث هذا الذي يمارس في تشويه صورة الوطن ، ومن يسعى في هذا الأمر إلى نهاياته قد يرى حقيقة أمره وغلوه المفضوح في التعرض لبعض الرموز الوطنية ، وفي إشاعة كثير من زبد الأقاويل حولها عبر جدل دعائي ما هو إلا سراب .
وأخيرا .. لنتقي الله في أنفسنا ونبتعد عن شرذمات مقيتة نغتال من خلالها الوطن بدعوى محاربة الفساد ، ونحافظ على دولتنا وعدم استخدام الشائعات كادوات لتأجيج الرأي العام وتحريض العامة لما هو منافي للسلوك الوطني ، فالمعيار الحقيقي للمواطنة والانتماء هو بمقدار ما يعطي الإنسان لهذا الوطن وليس بمقدار تحقيق المكتسبات على حساب الوطن ، ولا ننسى قول رسولنا الكريم : " فتنةٌ عمياء صمّاء عليها دعاة على أبواب النار، فأنْ تموتَ وأنت عاضٌّ على جَذْلِ شجرة خيرٌ من أن تَتْبَعَ أحداً منهم".