هناك من يهون من تأثيرات الأزمات التي تحدث في الأردن، على سمعة البلاد، هذا على الرغم من ان هذه الازمات، تترك رد فعل سلبيا بين الأردنيين، في الخارج، وغيرهم.
يقول أحدهم ان هناك فئة ضالة تحاول التحريض على الأردن وتحاول الإساءة له وترويج أكاذيب ودعايات مغرضة تدفع المغترب الأردني والمستثمر الأجنبي للتردد في خوض تجربة الاستثمار في الأردن، وأن هذه الفئة تحاول نشر سمومها عبر وسائل الإعلام الإلكترونية وتنقل صورة سيئة عن الأردن، بما ينعكس سلبا، على سمعة الأردن، وبشكل مبالغ فيه.
هذا الكلام قد يكون صحيحا، في بعض الحالات ، لكنه ليس صحيحا في المطلق، وهناك فرق بين من يتعمد تشويه سمعة الأردن، واثارة المخاوف حول استقراره، من باب الإساءة او المبالغة، وبين من ينتقد بشكل موضوعي، او يحلل أزمة ظاهرة، يراها كل الناس، دون تدخل.
معنى الكلام هنا، ان الدولة مطالبة بالتنبه للكلفة السلبية التي ندفعها بسبب تضرر سمعة الأردن، إذ كيف يصح الحديث مثلا عن جلب الاستثمارات الخارجية، والكل في الخارج من الأردنيين وغيرهم، يرى أننا كل يومين أمام أزمة، وهي أزمات تتسبب بمخاوف كبيرة، مثل انقطاع الكهرباء، والمياه، إلى حدوث مظاهرات ومسيرات ومواجهات لأي سبب كان، وصولا إلى موجات الغلاء في كل شيء، والمشاكل السياسية والأزمات الاقتصادية المتراكمة.
هذه الصورة عموما، سلبية، خصوصا، أن الأردنيين الذين يعيشون خارج الأردن، والعرب، والأجانب، يأخذون انطباعات من بعيد في غاية السلبية، وهم في أغلبهم ليسوا مستعدين ان يغامروا بمالهم في استثمار كبير او صغير، بل انك تسمع تحليلات قائمة على المبالغة حول استقرار الأردن العام من هؤلاء، وهم لا يلامون هنا، لأن تدفق الأخبار، والقصص التي تحدث، هي التي تتسبب بهذه الانطباعات، وليس لوجود فئة ضالة متخصصة بتنفير هؤلاء عن الاستثمار.
الأهم في قصة أكثر من مليون أردني خارج الأردن، أن أغلبهم يعمل من اجل الإنفاق على نفسه وعائلته، وكثير منهم يواجهون ظروفا صعبة، أما الفئة التي لديها ثروات واموال تستثمر بها خارج الأردن، فهي أيضا تواجه تحديات بسبب الوضع الاقتصادي في العالم، مثلما أن اكثرهم لديه تجارب سلبية في الاستثمار، بسبب المشاكل التي تبدأ بتفشي المحسوبيات، وعراقيل الاستثمار، وضعف مردوده، وربما قضايا فساد من طلب الرشوة منهم، وصولا الى احتمالات تخريب معاملاتهم، او الروتين والبطء الذي يجدونه في كثير من الحالات.
كيف يمكن ان نقنع الأردنيين في الخارج او الأجانب بالاستثمار في الأردن، ونحن من ناحية سياسية مباشرة، نترك سمعة الأردن، لكل هذه الاضرار، دون أي محاولة للتخفيف من هذه الاضرار، بل انه على ما يبدو ان بيننا من يعتبر ان هذه الاضرار غير مؤثرة على جاذبية الاستثمار، وهذا امر غير صحيح، لأن اهم ثلاثة عناصر تجذب الاستثمار ترتبط بالاستقرار، وحسن السمعة، والمردود المالي، وبدون هذه الثلاثية لا يمكن ان يكون هناك استثمار.
كل الاستثمارات الأردنية والعربية والأجنبية في الأردن، استثمارات قديمة، لكننا الآن نواجه وضعا مختلفا، بسبب تداعيات الوضع الاقتصادي ووباء كورونا، وما يتعلق بنظرة الناس خارج الأردن، الى الأردن، وبيئته العامة، وهذا يعني ان استرداد سمعة الأردن الأولى التي خبرناها هي العنصر الأساس في رفع جاذبية الاستثمار، ولحظتها لن يكون لأي فئة ضالة وفقا لتعبيرات البعض أي تأثيرات سلبية على الأردن، لكن هذه التأثيرات تأتي حادة بسبب ارتباطها أيضا بوقائع فعلية تحدث أحيانا، وبسبب ما يظهر من المشهد، وليس مجرد الادعاء الزائف.
من المهم أيضا، ان نقنع الأردنيين داخل الأردن، بالاستمرار في استثماراتهم، امام الخسائر التي يتعرضون لها، وان نخفف عنهم، ثم بعد ذلك نفتح ملف الأردنيين الذي يعيشون خارج الأردن، والذين يمكن لحظتها إقناعهم بتوطين رؤوس أموالهم اذا انصلحت الأحوال!.
(الغد)