قول شعبي صيني أو حكمة تقول: ماذا يهمني من هذا العالم اذا كان واسعاً ولكن حذائي ضيق...
لا اريد هنا ان اروي لكم حكاية "صرماية الطنبوري" أو حذاء سندريلا او أي حذاء ورد ذكره في التراث العربي او الحكايات الشعبية, بل سأحدثكم عن قصة حقيقية عشت تفاصيلها بلا مبالغة او رمزية او اسقاط..
بعد منتصف الليل بقليل عرضت فضائية "دبي وان" باللغة الانجليزية فيلماً اجنبياً تدور قصته حول وريث مصنع للاحذية في بريطانيا, وكانت عملية تصميم الاحذية وصناعتها وتسويقها محور القصة الدرامية للفيلم, حيث شاهدت اشكالا وانواعا والوانا من الاحذية البريطانية الانيقة الفاخرة التي تذكرنا بعقود مضت كانت فيها هذه "الموديلات" من الاحذية مهمة وجذابة ولا يقتنيها غير المقتدرين العرب بسبب جودتها وارتفاع اسعارها..
شدتني القصة ... فحاولت متابعة احداث الفيلم, ولكن النعاس كان اشد واقوى فاختطفتني غفوة طويلة ورحت في نوم عميق, لقد انقطع الفيلم ولكن لم ينقطع الحلم, فمشهد الاحذية رافقني في حلم غريب يحتاج الى تفسير, حتى انني فكرت الاستعانة بالسيدة ماغي فرح لمعرفة ابعاد ومعاني هذا الحلم الذي كنت خلاله اسير في شوارع مدينة غريبة فارغة من الناس, وكل ما شاهدته كان عبارة عن اكوام من الاحذية المكدسة التي تساوي ثروة كبيرة...
والاغرب من ذلك انني حضرت في الصباح الى العمل وكلي رغبة بالاطلاع على آخر الاخبار والمستجدات على الساحة العربية, ففاجأني موضوع قرأته على موقع (سي. إن. إن) باللغة العربية حول الأحذية الرياضية, التي عرفت من الموقع المذكور أن البريطانيين بدأوا بصناعتها قبل 500 عام اي في القرن السادس عشر. اضافة الى تفاصيل مثيرة حول تطور صناعة الاحذية الرياضية التي ارتبطت علاماتها التجارية باسماء اشهر لاعبي كرة القدم حتى اصبح سعر بعضها يتجاوز 400 دولار.
وعندما غادرت مبنى الجريدة عائداً الى منزلي القريب تلقيت هدية من ابني حمزة الذي يعيش في مدينة برايتون ببريطانيا وكانت الهدية عبارة عن حذاء بريطاني الصنع ايضا...
تساءلت باستغراب عن هذه المصادفة العجيبة الغريبة, هل هي صدفة ان اعيش يوماً كاملاً في هذه الاجواء المتخمة بالاحذية, ام ان المرحلة العربية فرضت هذا الواقع?!
هذا التساؤل انعش ذاكرتي, فاذكر ان مجلة "الدستور" اللبنانية نشرت موضوعا سياسياً مهماً عندما قام جعفر النميري باعدام المناضل السوداني عبدالخالق محجوب في فجر الاربعاء في 28 تموز من العام ,1971 ونشرت على غلاف المجلة صورة حذاء تحت عنوان "مرحلة الحذاء"... كما تذكرت حذاء الزيدي المشهور الذي ادخل الحذاء الى عالم السياسة...
ومن يتابع تطورات الاحداث والمواقف على امتداد الساحة العربية لا يحتاج الى الكثير من العناء لمعرفة ان الوضع العربي برمته قد قطع شوطا كبيرا في هذه المرحلة.. ولكن سيظل الحذاء العربي ضيقا في عالم واسع...
Kawash.m@gmail.com
العرب اليوم.