لست من المخدوعين بديباجات قرارات القمم ومجلس وزراء الخارجية في الجامعة, فمن قبل كتبت في اكثر من مناسبة, بان تصرفات العواصم وافعالها تدل على انه لم يبق غير (القرارات) الموسمية من (دعم عربي) للقضية الفلسطينية, قرارات لا تُتابع ولا يجري العمل على تنفيذها.
اليوم وأمام رد الفعل العربي الرسمي, وموقف إعلامه من (اسطول الحرية) المتجه لكسر الحصار عن غزة, تتأكد مقولة تخلي العواصم العربية, بنسب متفاوتة, حتى لا نظلم الجميع, عن دعم قضية فلسطين, فبينما يخاطر 800 رجل وامرأة معظمهم من انصار حقوق الانسان في اوروبا والولايات المتحدة الى جانب بعض ممثلي المجتمع المدني في عدد من البلدان العربية نجد ان وزارات الاعلام, التي اجتمع وزراؤها قبل عامين في مقر الجامعة بالقاهرة من اجل ترشيد وتصويب مسار الفضائيات العربية لخدمة قضايا الامة!! قد (ابتلعت لسانها) فلا نرى ولا نشاهد غير السكوت المريب, والتغطية العابرة لاسطول الحرية (من اجل رفع العتب فقط). وهل هناك من قضية قومية عادلة غير قضية فلسطين?
يقولون في القمم العربية, تحت غطاء من خطابات رئيس السلطة الوطنية المتحمس للسلام كخيار استراتيجي وحيد, انهم يتمسكون بالمقاومة السلمية ضد الاحتلال الاسرائيلي, فهل اسطول الحرية شيء آخر غير التعبير السلمي الذي هو اقل فاعلية من المقاومة السلمية من اجل فك الحصار عن مليون ونصف مليون بني آدم يمنع الاحتلال عنهم كل اسباب الحياة, من اعادة بناء الوف المساكن المدمرة الى الطعام والدواء والسفر والعلاج والدراسة في الخارج.
نريد من العواصم العربية ان تصدر لشعوبها قائمة بانواع المقاومة السلمية التي تدّعي انها تتمسك بها بعد تخليها عن خيار المقاومة المسلحة لاسترداد الاراضي المحتلة. لكن, ومع انشغال وزراء الخارجية بالمؤتمرات في الشرق والغرب والشمال والجنوب لبحث كل القضايا (الدولية) ما عدا قضيتهم المركزية, فان شعار المقاومة السلمية يتحول بالممارسة العربية الى قائمة تنازلات عن كل شيء وفي كل مكان وزمان. الى ان اصبحت اسرائيل صاحبة الكلمة العليا في اراضي المقدسات وبلاد الرسل والانبياء, وبين شعوب يقال انها في (صحوة دينية)!!.
بالامس, استمعت الى تبرير الناطق باسم الخارجية الاسرائيلية للقرصنة المتوقعة ضد اسطول الحرية وجره الى موانئ فلسطين المحتلة. فلم اجد في اقواله إلا ما يعبّر عن الاستهتار بالدول العربية وبهذه الامة. بل انه تحد سافر ووقح للمجتمع الدولي. انه يزعم بان اسرائيل ستعترض الاسطول لانه يمثل دعماً لحكومة حماس, التي تنتهك القرارات والاتفاقيات التي وقعتها اسرائيل مع السلطة عام .1995 وكأن حكومة نتنياهو تحترم اتفاقاتها مع حكومة رام الله المسالمة!!.
ويزعم هذا الناطق, ان سبب الحصار يعود الى ان حكومة حماس ارهابية. فهل الحكومات العربية والاوروبية التي اجتمعت في قمة شرم الشيخ قبل 18 شهرا ارهابية?, وهي التي لم يسمح لها بادخال اي سلعة او مال الى القطاع? وهل قمم الكويت والدوحة وطرابلس (العربية) ارهابية ايضا وهي التي فشلت حتى اليوم في ادخال كيس اسمنت واحد الى غزة?
مثل هذه المزاعم الاسرائيلية والتخرصات عن الاتفاقيات الدولية كان يجب ان تثير رد فعل قويا من الحكومات العربية ووزراء خارجيتها لدحضها. واستغلال قصة (اسطول الحرية) من اجل القيام باوسع تغطية اعلامية ودبلوماسية في العالم لرفع الحصار عن الفلسطينيين وتسليط الاضواء على جريمة الحصار وجرائم الاحتلال الاخرى. وعلى الاقل هي مناسبة للدبلوماسية العربية للتوجه الى مجلس الامن الدولي وطلب عقد جلسة طارئة لبحث القرصنة الاسرائيلية, ووضع العالم امام حقيقة الجهة التي تنتهك حقوق الانسان الفلسطيني والشرعية الدولية وتدمر السلام والاستقرار في الشرق الاوسط?.
taher.odwan@alarabalyawm.net
العرب اليوم .