وهنالك تباين اخر بين روسيا وامريكا يعتبر مصدر اختلاف عقدي على اعتباره يقوم على المنطلقات المنهجية بين الطرفين حيث تعتبر الولايات المتحدة هذا الصراع او التنافس يقوم على المصلحة الامريكية في السيطرة و تعمل عبر منهجية رادعة تمنع اية قوة صاعدة على امتلاك ادوات التفوق كما يصف ذلك جورج كنن الخبير الاستراتيجي بينما تنطلق روسيا من منطلقات اخرى تقوم على صراع وشمولي وجودي وليس نفوذي حدودي وهذا ما يوسع درجة الخلاف بين المنظور الامريكي وزاوية النظر الروسية وهو ما يؤثر بطريقة مباشرة على دوائر الاستهداف وعلى درجة الاستقطاب وكيفيته وتنامي الصراع وادواته المستخدمة.
الكاتب ولتر لبمن الخبير الاستراتيجي كان قد اتفق مع ورسل بيت في كتابه العناية الالهية عندما بين كيف يمكن لجو بايدن حكم العالم على الطريقة الإنجليزية في الحكم من خلال اقتصاد قوي قادر على توسيع نطاق الشركات الأمريكية والحليفة معها للسيطرة بطريقة سلسة على احتياجات الشعوب في العيش والعمل وهو منظور الرأسمالية في الحكم كما التوسع وتنامي اوجه النفوذ والسيطرة على ان يتم استخدام القوة الاستراتيجية الرادعة لمنع تنامي نفوذ ايه قوة اخرى وهذا ما يبرزه اثر امتلاك الصين وروسيا لموارد معرفية وصناعية منافسة وهو ما يشكل تهديد حقيقي للمصالح الأمريكية الاستراتيجية والتي تعتبر بيت القصيد وعنوانه في لقاء قمة جنيف.
اما روسيا فانها تستخدم قوتها الردعية للحفاظ على وجودها لعدم امتلاكها موانع طبيعية محيطة فى امريكا تحول بينها وبين غزوها فالروس يمتلكون اكبر مساحة جغرافية في العالم لكنها قليلة بعدد السكان اذ لا يتجاوز عدد سكانها 150 مليون نسمة من هنا كان تحدي الجغرافيا هو الهاجس الوجودي للاتحاد الروسي كما يصف السياسي البيرت فيركسي، فالاتحاد الروسي في درجة متأهب مستمر لتحقيق حالة المنعة المستهدفة وكما القوات الروسية في يقظة دائمة للحيولة دون اختراقات تهدد وجودها لذا فهي تستخدم استراتيجية خاصة بها منذ عهد ايفان الرهيب في القرن السادس عشر تقوم على الهجوم من اجل الدفاع وهذا ما جعلها في حالة استنفار دائمة وفي هذه المرحلة الى درجة التأهب القصوى مع تنامي تمدد امريكا وحلف الشمال الاطلسي في محيطها وهو ما جعل من هذا الموضوع موضوع شائك ويكون على جدول اعمال قمة بايدن بوتن.
وما بين الرئيس بايدن الذي يحمل رؤية جديدة من حكم العالم تقوم على الشراكة من اجل الامان العالمي وتعمل على منهجية تقوم على السلم الاقليمي والتنافس المعرفي والرئيس بوتن الذي توافق الى حد ما مع نظريه ترامب في العرق الابيض لتأمين وجوده في مركز القطبية في بيت القرار جاء لقاء جنيف بهدف جعل هذه التباينات مساحات عمل مشتركة يراعى فيها كيفية الاستقطاب والية تحديد المسارات كما تراعى فيها مسألة الادوات المستخدمة في تحديد نقاط النفوذ ومساحته.
وما يميز دائما لقاءات القمة في بيت القرار العالمي كونها تسقط بظلالها على عناوين المراكز الإقليمية الجيوسياسية في مناطق النفوذ مما ينتظر ان يعيد تأهيل او اعادة تشكيل المراكز الإقليمية تحديد عناوينها وهذا يتوقع ان يؤثر بشكل مباشر على الملفات الامنية في المنطقة التي عناوينيها القضيه الفلسطينية والمسألة الايرانية وسد النهضة الاثيوبي. وهي مواضيع تعتبر أمنية متحركة وليس سياسية ثابتة بالمفهوم الضمني وهذا ما قد يجعلها تكون حاضرة على اجندة البحث في الملف الامني كما في قضايا اخرى متحركة.
وهذا ما يجعل قمة بايدن بوتن قمة استدراكية وليست قمة استشرافية تقوم على تحديد المنطلقات من على ارضية مرجعيات متوافق عليها الامر الذي يجعلها قمة تمهيد وليس قمة بيان وفي انتظار تحديد موعد اخر للبيان ستبقى المنطقة في مرحلة المراوحة وشراء الوقت وهذا ما يجعل فرص الانفراج تكون محدودة وليست منفرجة.
(الدستور)