مهمة واضحة ومحددة لا تحتمل الفشل
جميل النمري
17-06-2021 11:02 AM
اليوم تبدأ «اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية» عملها عبر 6 لحان متخصصة من بينها لجنة قانون الانتخاب التي يعوّل عليها اجتراح قانون انتخاب يوصلنا الى الهدف المعلن والمقرر وهو برلمان حزبي، أو على الأقل في البداية أن يتشكل من كتل سياسية - برامجية تمثل التيارات الرئيسية في المجتمع. ليس هناك أكثر وضوحا وحسما من هذا الهدف لكي لا تضلّ اللجنة طريقها !
دخلت خلال الأيام الماضية في سجالات كثيرة بعضها عاب عليّ المشاركة في هذه اللجنة أو تحداني ان استقيل منها! أستقيل؟! وهل كنت اتخيل إطلاق لجنة مكلفة بإصلاح النظام الانتخابي ولا أكون جزءا منها ؟! أنا مناضل عنيد من أجل الاصلاح لا أعرف الكلل ولا اليأس. ليس هذا منصبا وليس فيه رواتب ولا مكافآت بل تكليف بمهمّة جليلة يعرف اصحاب القرار موقفي وموقعي منها والتزامي الدائم والعميق بقضية التطوير البرلماني وقانون الانتخاب الذي يعتبر بإقرار الجميع حجر الزاوية في الاصلاح السياسي.
شكك كثيرون في اللجنة بوصفها وسيلة تلهية ومشاغلة أو ان مخرجاتها جاهزة ومقررة سلفا. فأقول بملىء الفم أن هذا ليس صحيحا ابدا. والجاهز فعلا والمقرر سلفا هو الهدف المنشود المعلن اصلا في كتاب التكليف، وقد أعاد جلالة الملك توضحيه وتحديده بحسم، ولسان حاله يقول أن البقاء على النمط القديم لم يعد ممكنا ولا محتملا.
إن لم ير البعض في الهدف المعلن الاصلاح المنشود فهو على الأقل التحديث الذي ينتشلنا من حالة متخلفة بالية للتمثيل النيابي والعمل البرلماني، حالة بدائية متأخرة حتى عن برلمانات وانتخابات معظم دول العالم الثالث الى حالة سياسية أكثر تقدما من العمل الجماعي والشراكات السياسية والحزبية والبرامجية.
هناك منطق قوي جدا في إفتراض ان جلالة الملك لم يعد يحتمل الوضع القديم. وقد توالت الأحداث الخطيرة التي تؤشر كم اصبح الوضع سيئا ومعيقا للتطور وأيضا – لما لا ؟!- محرجا ومعيبا امام الحلفاء والأصدقاء، وأنا شخصيا لطالما شعرت إثناء نيابتي بالخجل من انكشافنا على هذا النحو إثناء استقبالنا لشخصيات برلمانية وسياسية أو حين نذهب الى لقاءات دولية. لنضع قضية الملكية الدستورية ومقتضياتها جانبا. الآن ثمة اجماع وطني على انتشال البلد من جورة التخلف وتحقيق شيء من الحداثة السياسية. إنما الخوف أن يكون لبعض الأوساط التي تقاوم التغيير صدى داخل اللجنة. ومن خبرتي في مناقشة قانون الانتخاب هناك دائما من لايستطيعون التفكير إلا في مصالحهم وعلى حساب الرؤية الموضوعية الأشمل واللصيقة بهدف الإصلاح.
اتفهم شكوك الناس وقلة ثقتهم لكن بدل الجدل العقيم حول النوايا من الأفضل استثمار الفرصة بتسليط الضغوط على اللجنة وتحميلها المسؤولية لإنجاز الهدف المعلن والمحدد في كتاب تكليفها. إن قوى الشدّ العكسي المناهضة للإصلاح تفرح بالتشكيك والطعن في اللجنة حتى تصل الى خط النهاية وهي في اضعف حالاتها ويكون الاهمال مصير مخرجاتها. من جهتي اثق ان ذلك لن ينجح والمرحلة لا تحمتل النكوص مجددا. وأرى في أوساط اللجنة روحا وثّابة وشعور طاغ بالمسؤولية لإنجاز العمل.
الدستور