للأردن خيارات عديدة .. فليفعّلها كلها !
30-05-2010 06:33 AM
لقد جعل صلف بنيامين نتنياهو وتعنته واحساسه الغاشم بالقوة، المفاوضات مع الفلسطينيين، ضيقة وكريهة ولا تطاق، كما انه جعلها - قبل ان تبدأ -، على حافة الهاوية والتصدع والانفراط في اية لحظة. والانباء الرائجة تفيد ان القيادة الفلسطينية، ما كانت لتقبل هذه الصيغة البدائية من المفاوضات، لولا الضغوط التي مورست عليها من كل الجهات التي تربطها بها علاقات طيبة حسنة، سواء اكانت هذه الجهات عربية ام اسلامية ام اوروبية ناهيك عن الولايات المتحدة الامريكية.
فالقيادة الفلسطينية، التي لها تجربة طويلة مريرة، مع مختلف القيادات الاسرائيلية، قبلت المشاركة في جولة جديدة من المفاوضات، ذات العناوين الإشكالية الـ 7 الكبرى: (المستوطنات، القدس، المياه، الحدود، اللاجئين، الأمن، الأسرى)، وهي ترى النتيجة المحتومة امامها، قبلت رغم انها تعرف انها تشارك في اعطاء انطباع عام، عن ان «الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة المتعنتة» – حسب وصف الرئيس الفلسطيني الى «السي ان ان» بتاريخ 4 أيار الحالي-، المكونة من تحالف حرب عدواني، تفكر في السلام، وتسعى اليه، وتشارك فيه، وانها يمكن ان تقدم «تنازلات» ملموسة مقبولة! وانها يمكن ان تتزحزح عن مقارفاتها المتعددة الكثيرة، التي يسبب كل واحد منها على انفراد، دليلا ساطعا على ان هذا المجتمع اليميني الاسرائيلي ليس مجتمع سلام.
المجتمع الاسرائيلي الذي ينتخب هكذا قيادة، واضحة ومعروفة البرامج والخطط والعقائد السياسية والعسكرية، ليس مجتمع سلام، فالقيادة التي انتخبها، هي حكومة حرب، مغرقة في العنف والارهاب، مأخوذة – هي ومن انتخبها - بنشوة القوة، مطمئنة الى حصانة قلعتها وقدراتها الرادعة، مستمتعة بصرير جنازير دباباتها المدججة، وهدير طائراتها الحربية الامريكية الحديثة، ورائحة اللحم البشري المشوي في لبنان وغزة، ومنظر الدمار الفريد فيهما. علاوة على ان المجتمع الذي انتخب هكذا قيادة هو مجتمع مرتش، مستفيد من احتلال واستغلال، الاراضي العربية في فلسطين والهضبة السورية وجنوب لبنان التي يحتلها منذ 43 عاما، ولم يتوقف لحظة عن نهب مياهها ومزارعها وخيراتها الوفيرة.
لا يعرف هذا التشكيل العدواني الاسرائيلي الحاكم، غير لغة التهديد بالسحق وتكسير عظام البشر، ولغة التلويح بالابادة الجماعية ولغة الترويع باعادة المنطقة الى العصر الحجري، وهو مطمئن، الى ان هناك حلا واحدا للصراع العربي الاسرائيلي، هو الاستسلام الكامل. ويتحرك هذا التشكيل العدواني، وفق قاعدة، ان المنتصر والمحتل، والممسك بالارض، وبقبضة السيف، هو من يملي ارادته ويفرض شروطه. وان على الطرف الاخر، المثخن بالتخلف والتمزق والامية والجهل والخرافة، ان يكون واقعيا!! وان ينهار وان يستسلم وان يرفع الرايات البيض!!
نحن مقبلون على المأزق الكبير، المتمثل في وصول المفاوضات الصورية الفلسطينية – الاسرائيلية، الى نتيجتها المتوقعة المعروفة، وهي الفشل الذريع، والعودة الى المربع الاول، والى الصفرالمطلق. ويبدو انه لن تجدي نفعا كل المحاولات الامريكية المبذولة من اجل «تليين» رؤوس المتطرفين الصهاينة، لإعتماد هذه الرؤوس على دعامتين هما:
اولا: دعم اللوبي اليهودي الامريكي اللامحدود، لكل السياسات الاسرائيلية، ولكل الساسة الاسرائيليين، منذ تأسيس اسرائيل، وحتى اليوم، رغم كل الدلائل والبراهين، التي تؤكد ان مقارفات اسرائيل، تشكل خطرا على المصالح الامريكية، وانها تشكل خطرا على حياة الجنود الامريكيين في المنطقة، وانها تغذي الارهاب وتنميه وتوفر له «البروباغندا» التي يستميل بها المزيد من الانصار. وكذلك انصياع الادارة الامريكية – كل ادارة امريكية – انصياعا مذلا مكشوفا انتهازيا، لهذا اللوبي اليهودي، المؤثر ماليا واعلاميا واقتراعا، في الانتخابات الرئاسية وفي انتخابات مجلسي النواب والاعيان الامريكيين.
ثانيا: ارتهان القيادة الصهيونية المتوحشة الراهنة، الى ارادة الناخب الاسرائيلي، الذي يتكشف عن انه ناخب متطرف مهووس بالقوة والخرافة الدينية، وارتهانها كذلك، الى تحالفات برلمانية، تقوم على اسس وعقائد متطرفة عدوانية محددة، ابرزها يهودية الدولة، وانتزاع القدس عاصمة موحدة لاسرائيل، والامعان في الاستيطان في «يهودا والسامرة ارض اسرائيل»!! علاوة على الرضى الداخلي، والنجاح المتوالي، الذي تحققه اختراقات ادارة «بيبي»،على المستوى الدولي، وآخرها نجاح ادارة نتنياهو الكبير، في قبول اسرائيل عضوا في «منظمة التعاون الدولي والتنمية الاقتصادية».
ما العمل امام هذا «التسونامي» الاسرائيلي القادم لا محالة، الذي يعصف باركان السلام وأسسه، والذي يهدد المنطقة برمتها، بخطر الحرب والتطرف والارهاب والفوضى؟ لا شك ان للاردن خياراته المتنوعة المتعددة، للحفاظ على امنه ومصالحه، وعليه ان يفعّل كل خياراته ويجهزها، دون امهال، ودون اهمال لأي خيار.
Assem.alabed@gmail.com
الراي.