الأردن بحاجة لرؤية استراتيجية شاملة لتطوير قطاع التعدين، تشمل إنشاء أو المساهمة في شركات متخصصة في ممارسة نشاط البحث والاستغلال لخامات المناجم والمحاجر، والملاحات، بنسب مملوكة للدولة مع اشراك الجامعات بالابحاث والتطوير، للمساهمة في تطوير أهم مناطق الثروات المعدنية الكامنة من خلال استهداف جذب استثمارات أجنبية مباشرة، خصوصا بعد تبني مجموعة الدول الصناعية السبعG7) ) طرح خطة للبنية التحتية للدول النامية تنافس مبادرة الحزام والطريق التي يبلغ حجمها عدة تريليونات من الدولارات.
الأردن كان من اوائل الدول في المنطقة اهتماما في هذه الثروات، حيث عملت سلطة المصادر الطبيعية (سابقا) على البحث والتنقيب عن الثروات الطبيعية باستخدام أحدث الوسائل والطرق العلمية واستطاعات خلق المناخ المناسب للاستثمار في قطاع التعدين، فتحولت العديد من المعادن الى مشاريع كبرى مثل الفوسفات والبوتاس والجبس والاسمنت، الا انه يوجد ثروات متوفرة بكميات ونوعيات واعدة ولكنها غير مستغلة حتى الآن مثل النحاس، الليثيوم، الذهب، رمال السيليكا، التف، الزيولايت، الكاولين، الترافرتين، الجرانيت، البنتونايت، الدياتومايت، الزركون، الطباشير، الحجر الجيري، الرخام إلى جانب النفط والغاز واليورانيوم.
تعتبرالموارد الطبيعية العصب الاقتصادي للدول النامية والمتقدمة على حد سواء من خلال تعزيز إمكانات النمو الاقتصادي، وفي الأردن يجب ان يكون قطاع التعدين الركيزة الاساسية للاقتصاد الوطني، من خلال تعظيم الاستفادة من الثروات المعدنية، وتطوير منتجات قابلة للمنافسة عالمياً وذات قيمة مضافة، لدعم أهداف الأردن الساعية إلى التنوع والتطور في الصناعات المتقدمة ، خاصة في ظل ارتفاع الطلب على المنتجات المعدنية، وهو ما يحقق التنوع، ويرفع إسهام القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغت مساهمة قطاع التعدين لعام 2019 في الناتج المحلي الإجمالي %7.7 ، فيما بلغت قيمة صادرات القطاع بنسبة تقدر بحوالي %19 من اجمالي صادرات المملكة.
الثروة المعدنية هى الضلع الثالث فى بناء اقتصادات الدول جنبا إلى جنب مع الزراعة والصناعة، ونحن نمتلك ثروات معدنية عديدة، لابد من استغلالها على الوجه الأمثل، وفق إجراءات وتدابير تنشيط عمليات البحث والاستكشاف عنها، واستخدام أفضل الطرق لاستخراجها واستغلالها بطريقة اقتصادية فمثلا وصل سعر الطن من كربونات الليثيوم إلى نحو 12 ألف دولار، والنحاس 10 الاف دولار للطن حسب ((LME، وهذه المشاريع ستحقق دخلا من مليارات الدولارات سنويا. ولدى الأردن نخبة من اساتذة الجامعات والخبراء، تستطيع أن تخلق وتطور صناعات كبرى، مستفيدين من فائض كهرباء كبير، وشبكة طرق ممتازة كالطريق الصحراوي، والخامات موجودة، والعقول والقوى البشرية متوافرة.
فالمعوقات التقنية تشكل الجزء الأعظم فى عدم الاستغلال الأمثل للخامات المعدنية، حيث تبدأ العمليات التقنية مع عمليات البحث والتنقيب، ثم التحليل المعملى الكيميائى والفيزيائي، ويلى ذلك التقييم المرصود، والاحتياطي المأمول، ثم عمليات تركيزات الخام وتسويقه، فالاستثمار في قطاع التعدين يعتمد على أسعار وتكاليف مدخلات الإنتاج والطاقة، وهنا يستلزم فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار، وهذا يتطلب دعم لوجيستى حكومي لإعداد الدراسات الفنية اللازمة وتجهيزها، واعتماد الخرائط الالكترونية الجيولوجية، والجيوفيزيائية للأراضى الاردنية للتسهيل على المستثمرين اختيار مشاريعهم خصوصا الدراسات الجيولوجية، اضافة لتنويع الفرص الاستثمارية في جميع مراحل سلسلة القيمة للثروات المعدنية وخدمات قطاع التعدين، كالحفر والمختبرات والاستشارات لتناسب شرائح مختلفة من المستثمرين، بما في ذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة.
هذه المشروعات تحتاج إلى كثافات عمالية كبيرة وهنا حل كبير لمشكلة البطالة والفقر، إضافة لإدخال تكنولوجيا حديثة، ومعدات ثقيلة، ومعدات حفر، واكتساب خبرات جديدة، وتقنية حديثة، يتم تدريب العمالة الوطنية عليها، كما تحتاج إلى صناعات تكميلية للخامات تزيد من الناتج القومي، ولها تأثير إيجابى وملحوظ، حيث إن جميع الاستثمارات، سواء فى مراحل البحث، أم التقييم، أم الإنتاج، كلها استثمارات أجنبية لها التأثير الملحوظ فى الناتج والدخل القومى.
وقد ساهم قطاع التعدين في نهضة ودعم الاقتصاد بعدد من الدول، فمثلا إنجلترا تمتلك شركات يمثل رأس مالها 30% من حجم الموازنة العامة، وفرنسا لديها شركات فى أفريقيا للتنقيب عن النفط، وتمثلان 43% من حجم الطاقة المستهلكة فى فرنسا، ويرسلون إلى فرنسا نحو 3.5 مليون برميل يوميا، وفى ماليزيا أيضاً ظهرت شركة “بتروناس”، التي تملكها الحكومة الماليزية، وتسببت في نهضة لماليزيا، اضافة للصين التي استغلت معظم الثروات المعدنية في العالم.