ما المطلوب من الحكومة الآن؟
مكرم الطراونة
17-06-2021 12:29 AM
مع تشكيل لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية خرجت الحكومة من سباق الإصلاح السياسي، أي أن لا دور لها سوى الانتظار لحين أن تنهي اللجنة أعمالها من أجل أن تقدم الحكومة نتائج العمل لمجلس الأمة دون أي تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير.
هذا من حيث البعد السياسي الذي يجب أن يكون في الوضع الطبيعي في صميم مهام الحكومة. من زاوية أخرى تكاد الحكومة تخرج بنجاح من معركتها مع كورونا، وذلك يتمثل في الاستقرار الصحي، الذي وصلت إليه المملكة، في ظل انخفاض نسب الإصابات، وبدء عودة الحياة إلى مجرياتها شبه الطبيعية، ونجاح المنظومة الصحية في استيعاب تداعيات الفيروس.
حكومة الدكتور بشر الخصاونة هي اليوم في موقف مريح، إذ إنها باتت تشعر بمرونة أكبر في إدارة ملف الجائحة، مقارنة ببداية عهدها الذي شهدت فيه ذروة ثانية في انتشار الفيروس.
إذا، تملك الحكومة حاليا مساحة أكبر للعمل بكل طاقتها على باقي الملفات التي لا تقل أهمية عن الإصلاح السياسي والوضع الوبائي، وعلى رأسها الملف الاقتصادي، الذي يعتبر العمود الرئيس الثالث في برنامج عمل الحكومة، بعد أن أزيح عن كاهلها العبء الآخر.
عندما أعلن عن اللجنة الملكية تساءل الناس حول ما إن كانت الأولوية اليوم لتحقيق الإصلاح السياسي أم الاقتصادي، باعتبار أن الثاني كان الأكثر تضررا من تداعيات الوباء، سواء على صعيد اقتصاد الدولة أو على صعيد المؤسسات والأفراد، ناهيك عن أن هذا القطاع يمس بصورة مباشرة معيشة الناس وحياتهم.
الجواب جاء خلال لقاء الملك باللجنة الملكية لتحديث الحياة السياسية. جلالته أكد أنه وجه الحكومة لوضع برنامج عمل اقتصادي واضح المعالم خلال أسابيع، مرتبط بمدد زمنية محددة لتنفيذه. إن تحديد إنجاز العمل بأسابيع يعني أن على الحكومة البدء فورا بإعادة ترتيب أوراقها المبعثرة، لتضع خريطة طريق للأولويات القابلة للتطبيق وذات الأثر الاقتصادي.
في الواقع فإن التعافي الاقتصادي ليس مطلبا ملكيا جديدا، فقد جاء في كتاب التكليف السامي للدكتور الخصاونة حيث تم التأكيد على أنه “يجب تكريس الجهود في المرحلة المقبلة لتحقيق التعافي الاقتصادي من خلال برامج واضحة بأطر زمنية محددة تتضمن خطوات قابلة للقياس والتقييم والمتابعة، ويكون لها أثر ملموس في الحد من التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الجائحة وتحفيز النمو وزيادة التنافسية للقطاعات الإنتاجية”.
ما الفرق إذا؟
الفرق يكمن بأن التوجيه الملكي الثاني يأتي وقد أخذت اللجنة الملكية جزءا من مهام الحكومة، وهو حمل ثقيل جدا ومعقد، أي أنه لا يمكن للحكومة تقديم تبرير مقنع عن عدم قدرتها على بلوغ مرحلة معقولة من التعافي الاقتصادي من تداعيات الجائحة، وتحقيق مستويات النمو والتشغيل اللازمة لتحريك عجلة الاقتصاد والمشاريع التنموية، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن بشكل ملموس.
ويأتي أيضا بعد أن عادت حركة الإنتاج للعمل من جديد، بعد فتح أغلب القطاعات، ما يعني أن العائق الصحي بدأ بالزوال تدريجيا، وقد تحللت الحكومة من تبعاته الشرسة، وهذا يعطيها قدرة أكثر نجاعة في إدارة الملف الاقتصادي وإنجازه في فترة زمنية محددة إن وضعت خطتها بشكل علمي ومدروس.
كما يأتي التوجيه الملكي بعد مرور نحو تسعة أشهر على تشكيل الحكومة وهي فترة كافية لتجاوز “ارتباك البدايات”، واستقرار الفريق واكتسابه معرفة كافية في قطاعاته، وهذا يساعدها على العمل، الذي كل ما عليها فقط هو البدء به، لإنجازه في الوقت المطلوب.
(الغد)