يا ليتني أستطيع الايمان والتسليم بجدوى جمعيات ومؤسسات حماية المرأة من العنف،، ، أنا بريئة من اي عضوية لها علاقة بمؤسسات مجتمعية نصبت نفسها حاميا أمينا للمرأة العربية المعنفة بطريقة او بأخرى.
كيف أسلم بجدوى عملهم والأرقام والحوادث ترتفع وتزداد هياجا وابتكارا؟،.
حتى الأغاني العربية الهابطة (قولا ومجازا) تهدد المرأة: "نحن ما عنا بنات.. تتوظف بشهادتها.." و"شيلي الفكرة من راسك أحسنلك.. ليش بيتجيبي المشاكل لحالك". كما في أغنية أو قضية "رئيسة جمهورية قلبي" لمحمد اسكندر ولو الموضع بيدي لحاكمته كمتطرف إرهابي عاطفي.
بالتحديد في عالم صناعة الفيديو كليب هناك شخص خلف الكواليس يقوم بحبك قصة الأغنية ، وتصور شخوصها ، هذا المؤلف الذي يحبُك خيوط فكرة الأغنية ويقدمها للمخرج الذي يُملي السيناريو والمشاهد على المُغني وبمساعدة فتاة الفيديو كليب "الموديل" أو "كمشة الموديلات" عادة.
هناك سيناريو يتكرر كثيراً أنا بصراحة لا أدري لماذا؟ وبمعيتكم اليوم آمل أن تدخل القصة دماغي ، القصة هو أن المغني "الهواهي" يغرم بفتاة طويلة القامة جدا بالعادة ، وكلاهما يحملان "غيتاراً" في أحد دروس الموسيقى ، وفي قمة تبادل النظرات الرومانسية يأتي شخص ستيني بشعر فضي متلالىء وبفمه سيجار ، حيث "يمعط" البنت الحزينة من يدها ، ويقلها بسيارة "مرسيدس" فارهة ويأخذها إلى البيت ، هذه الصورة النمطية التي يحاول مؤلفو الأغاني زجها لصورة الأب.
الغريب أن القصة المكررة تصر أن تكون البنت وحيدة أباها أيضاً ، وفي المنزل الفاره حالما تصل الفتاة تصعد باكية إلى الدرج الداخلي وفي يدها غيتارا ، والأب يتابع نفث سيجارته الكوبيية وهو يتبادل النظرات الحادة مع أثنين من معاونيه "الأباضايات" وبمجرد ذلك يقنعنا المخرج أن والد الفتاة "الحمش" قرر أن يصفي العاشق المسكين والذي يكون عادة هو المغني"المعطوب" ، ولا مرة في هذا النوع من القصص شاهدت أم ، وكأن المؤلف يصر أن يقنعنا أن هذه الفتاة "حيلة أبوها" وأنها من جماعة واصلة جداً ، وأتخيل لو كنت مكانه لجعلت القصة أكثر واقعية ولأدخلت مشهد الأم وهي تنفض يديها من "المريس" وهي تفزع للبنت وتصيح بالأب: (الله ع الظالم.. بدك تعقدها زي ما عقدت خواتها؟،، خليها تشوف بختها،،).
والقصة الأخرى التي "أفرط" ضحكاً عليها ، هو مشهد المغني العاشق الذي يقوم ساعة غضب "بسمط" الموديل كف على صباحها ، وبعدها تنهار الحبيبة وتركض بعيداً خوفاً من أن يخلص عليها ، حيث تداهمها سيارة و"تشمطها" وتسقط على الأرض ، وتتوالى المشاهد لنكتشف أن الحبيبة فقدت بصرها وأصيبت بـ"الدقش" ، أما العاشق الحزين النادم نراه يطعمها تارة ، وتارة "يفليها" أقصد يمشطها ، وأحياناً يسرح بكلبتها.
العقدة في هذا النوع من القصص المكرورة أن الحبيبة تجري عملية جراحية لعينيها ، وفي هذا المشهد "الذروة" يزيل طبيب العيون الضمادات عن عيونها ، وعندها "تغبش" صورة الكاميرا وتتفتح عيون الحبيبة وتسلط الكاميرا على عينيها الكحيلتين والعدسات اللاصقة الزرقاء تتلالأ بعينيها،، هناك عنف مبطن في عقلية هذا النوع من مؤلفي قصص الأغاني ، فلماذا تظهر المرأة أجمل عندما "تنلخم" خماسي؟، ، ولماذا يصرون على تصوير الرومانسية والهيام والمرأة في حالة ضعف أو إعاقة؟،،.
أقترح من باب "البروباجندا" الفنية أن يتم أستحداث كف "إرباعي" من باب التجديد.. وتصاب بعده "الموديل" بطرم.. وعندما تفيق من العملية الجراحية تكتشف أنها فقدت حاسة الشم بالمرة.. حتى تكتمل نزعة العنف وتتجلى نشوة جمال المرأة "المكتولة"،،.
هذا ليس حال الأغاني أظنه حال عربي بامتياز ، ويمكن إسقاطه على مجالات ثقافية ومهنية واسعة ، ولن أخشى أن أقول أنه يُمارس كل ساعة وكل يوم وبكل جرة قلم هناك من في الظهر من يمارس عنف الإبعاد والإقصاء للمرأة التي أصرت أن تأخذ مكانها الطبيعي.
حماكم الله من شر النفوس.
hindkh97@yahoo.com
(الدستور)