غريب هو هذا التحسس الذي يثيره البعض ، ضد تعديل اسم "نقابة المحامين" الى اسم "نقابة المحامين الاردنيين" وهو التحسس الذي ارتسم قبل يومين في اجتماعات النقابة.

كل النقابات الاخرى تحمل ذات التوصيف ، فنقابة الصحفيين هي نقابة الصحفيين الاردنيين ، ولا تجد نقابة عربية واحدة تستحي من ذكر هويتها السياسية مرفقة بالهوية المهنية ، فهذه مؤسسات اردنية ، ولم نسّجل فيها ، وننتسب اليها الا لاننا اردنيون ، ولان الهوية هنا ، ليست وصفاً يثير التحسس.

النقابات الاردنية من اكثر النقابات العربية ، التي تمارس دورا سياسيا عروبياً واسلامياً ، وهذا لا يعيبها ، على الرغم من الدعوة للمهننة ، وهي دعوة لها ظروفها الموضوعية ، غير انه رغم هذه الادوار الا ان النقابات ليست تابعة ولا ممثلة لجامعة الدول العربية ، ولا لمنظمة المؤتمر الاسلامي ، فهي نقابات اردنية اولا واخيراً.

قد يأتي من يقول ان مطالبة بعض المحامين باضافة كلمة "الاردنيين" خلفها ظلال اخرى ، وهو رأي غير مقبول ، واذا كانت القصة اثارت انقسامات حادة وخلافات ، فهي دليل من جهة اخرى على ان بعضنا لم يتفق مع بعضنا ، حول اساسيات ، ليست قابلة للنقاش ، ولا تعيب من يطالب بها ، لانها تعكس الواقع ، من جهة ، ولانها "حق وطني" قبل كل شيء.

نقابة المحامين تحمل هذا الاسم منذ عام 1950 والدعوة التي قدمها محامون لاجتماع الهيئة العامة ، اثارت اتهامات بالاقليمية والعصبية ، مما اضطر نقيب المحامين الى سحب الطلب ، حتى لا يؤدي الى انقسام في النقابة ، ورغم تقديري الكبير لطريقة معالجته ، الا ان ما يؤسف له هو وضع احتمال الانقسام ، كأحد نتائج المطالبة.

المحامون والقانونيون هم اكثر الناس معرفة بالدستور والقوانين والانظمة ، ويعرفون ان هذه المطالبة لا تعكس اي عصبية او ضيق افق او اقليمية ، فهذا امر طبيعي جدا ، تقوم به كل النقابات الاخرى ، وهو حق من حقوق الدولة على مؤسساتها ، وحق من حقوق الناس ، دون ان يعني ذلك انغلاقاً او انعزالا ، فنقاباتنا الاكثر عروبة بين النقابات العربية ، والدور العروبي يمارس على الارض ، قبل المُسميات.

اتصل بي احدهم ليقول ان المطالبة تعكس برنامجا اخر مقبلا على الطريق ، واغلب الظن ان تفسير الاشياء بطريقة غيبية امر غير منطقي ، خصوصا ، ان التعديل هنا يتعلق بالمُسمى ، وهو تعديل مشروع جداً ، وقد كان الاولى ان نسأل لماذا بقي الاسم هكذا طوال ستين عاما ، وليس الاعتراض على التعديل اليوم.

تعبير"الاردنيين" يعني بكل بساطة ايضا "الاكثر عروبة" ، لان تاريخ الاردن كان وما زال عربياً ، وشعبه بذل دوراً عربياً معروفاً في كل المحن العربية ، ولا يعني تعبير"الاردنيين" كوداً سريا للاقليمية ، ولا شيفرة للانعزالية ، ونحن نعرف على ارض الواقع ، ان نقابة المحامين ، هي نقابة اردنية ، فلا يكونن من العدل اعتبار اضافة التعبير المتعلق بالهوية ، دلالة على العصبية ، والاقليمية.

.. مع شديد الاعتذار للوطن ، الذي ما زلنا نختلف حول حقه وحقوقه.

mtair@addustour.com.jo

(الدستور)